ليس هناك من مواطن عربي لم يفرح للنجاح الباهر الذي تحقق في لبنان خلال الأيام القليلة الماضية، ولقدرة الأشقاء القطريين على لجم الفتنة التي كانت تتحضر للقضاء على لبنان واللبنانيين، ذلك أن صناعة النجاح أمر صعب، خاصة في بلادنا العربية؛ حيث يلعب الجميع في ساحاتنا دون أن تكون لدينا قدرة على منعهم.. وبانتخاب العماد ميشيل سليمان، رئيساً للدولة؛ عاد لبنان إلى مكانه الطبيعي بعد ستة أشهر تقريباً من الفراغ الرئاسي الذي لم نجد له مثيلاً طوال معرفتنا بأحداث العالم، وبدأ اللبنانيون يتنفسون الصعداء بمغادرة الفتنة أوكارها وإن على حين. وكما قال أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني فإن معادلة "لا غالب ولا مغلوب" لا بد أن تتغير في هذا البلد المنكوب بخلافات الساسة والطوائف والمذاهب، ليكون هناك غالب ومغلوب، بمعنى أن يكون الشعب اللبناني هو الغالب والفتنة هي المغلوبة. وبينما فرح الجميع لنجاح الأشقاء القطريين في لبنان، حيث المعادلة السياسية والمذهبية والطائفية الصعبة والمعقدة، لايزال اليمنيون ينتظرون قدوم الفرح على أرضهم بإنجاح الأشقاء القطريين لمساعيهم في حل أزمة صعدة التي حصدت الحروب الخمس التي دارت بين الجانبين مئات الأبرياء وعمّقت من مشاعر الحقد بين الطرفين لدرجة أن الوضع بات ينذر بعواقب وخيمة على الجميع في المستقبل. سيكون من المهم إعادة التذكير بأهمية الموقف القطري والمبادرة التي أعلنوها لوقف نزيف الدم المستمر في صعدة منذ نحو أربع سنوات؛ ذلك أن الجهد القطري في هذا الجانب ينطلق من نظرة بعيدة للأمور، لأن الأشقاء القطريين يرون أن هناك مشاريع مشبوهة تحاول اطالة امد الازمة وعرقلة التنمية في البلاد. هكذا يُراد لليمن، وعلى الجميع تفويت الفرصة على من يريد جر البلاد إلى مربع "اللا استقرار" و"اللا أمان" وإشغال اليمن في حروب صغيرة لا تقوم لها قائمة. إن إشغال اليمن في هذه الحروب الصغيرة تضع علامات استفهام كبيرة حول إمكانية إدخالها حظيرة مجلس التعاون وتقضي على كل جهد يسير في هذا الطريق، والمطلوب من الدولة أن تفتش عن حلول من شأنها القضاء على هذه المشاريع الصغيرة التي تهدف إلى إشغال البلاد في حروب هنا وهناك والقضاء على أي أمل للنهوض بالبلاد والسير بها خطوات إلى الأمام. التفتيش عن حلول حتى وإن كانت مؤلمة سيكون اليوم أجدى من تقديمها غداً، ومن المهم ألا تكون الحلول على حساب وحدة البلاد وأمنها واستقرارها، ذلك أن هذه الحلول ستحوّل اليمن إلى لقمة سائغة لمن هب ودب. الحلول التي أعنيها تلك المتصلة بتصفية ساحة الملعب السياسية حتى لايصير حزب المؤتمر هو اللاعب الوحيد فيها بل إشراك كافة القوى السياسية في صناعة القرار وتحمل نتائجه، لكن الطريقة التي تدار بها الأمور اليوم ستجعل من المؤتمر الخاسر الوحيد في حالة استمرار الأمور على حالها، وسيجد الحزب نفسه يسدد فاتورة حساب الربح والخسارة كاملة مع أنه يمكنه تقاسم الفاتورة مع آخرين.