التقاليع الشبابية أصبحت محطة يومية في وسائل الإعلام المرئية والمقروءة . أيضاً في الوسائط المتعددة للمعلومات ودور العرض السينمائي حتى إننا أصبحنا أمام ظاهرة جديدة للعولمة مقياسها ملابس الشباب وتقاليعهم المنتشرة في أرجاء العالم. الولاياتالمتحدة هي النبع الأول لهذه التقاليع التي لاتكتفي بتقديم نفسها عبر الملابس، بل أيضاً عبر الموسيقى والعروض السينمائية وأشرطة الفيديو بأنواعها المختلفة وكذا الإذاعات .. أي أن تقاليع الشباب الحالية تظهر على مختلف المستويات وتتقمص طابعاً خاصاً في الملابس. الملفت للنظر أن هذه الملابس تنمي لدى المراهق روح التمرد وعصيان الأنظمة والأعراف وعدم الالتفات إلى تراث الآباء والأجداد. وإذا ما استعدنا ذاكرة الأيام الخوالي سنجد أن المراهقين كانوا يتشبهون بآبائهم ويأخذون منهم عادات اللبس وآداب المائدة وكيفية التعامل في المجالس العامة. أي أن الأعراف والتقاليد المنزلية كانت الأساس في تصرفات الشباب . أما اليوم فقد انعكست الصورة، بل انقلبت رأساً على عقب بدليل أن المجتمع الكبير أصبح بديلاً للمنزل .. أما المجتمع الافتراضي العالمي فقد أصبح بمثابة الغول الذي يفترس القيم والعادات والتقاليد، ويخاطب في المراهق الغريزة والأوهام حتى إننا نشعر بثقل المسؤولية وصعوبة الطريق الخاص بتأهيل الشباب للمجتمع . الملابس الجديدة عند شباب اليوم تتسم بدرجة عالية من الفوضى المظهرية، فالبنطلونات كبيرة وفضفاضة والقبعات التي يلبسونها لاعلاقة لها بالحر والبرد بل إنها مجرد تقليد لبعض الفنانين .. الأحذية أشبه ماتكون بالجنازير، كأنما على المراهق أن يقاتل في الغابات أو يسلك طرقاً وعرة قد لا تتوفر في المدن الحديثة. هنالك نوع من التغريب القسري للشباب هدفه إفقادهم الانتماء للمكان والزمان، وإدخالهم إلى مجتمعات أخرى لاصلة لهم بها. لكن الأكثر خطورة في هذه التقاليع هو اعتبار أن الخصوصيات لم يعد لها مكان في هذا العالم، وبالتالي فإن ثقافة الأمركة لابد أن تسود شئنا أم أبينا .. فإذا سادت هذه الثقافة وتقاليعها عند الشباب فإنها ستكون أساساً لمجتمع المستقبل وستضعنا في خانة محددة كأننا رقم يُضاف إلى المجتمع الأمريكي . المفارقة الكبيرة أن المجتمع الأمريكي هو أقل مجتمعات الأرض عمراً وتاريخاً وخبرة، لكنه يقدم نفسه كبديل شامل للحضارات الإنسانية كلها ابتداءً من أقصى الشرق مروراً بالعالم العربي والإسلامي والأفريقي وحتى أوروبا وأمريكا اللاتينية. ويشتغل المرشدون لعولمة المجتمع الأمريكي على جيل المستقبل ويعتمدون الموضة والتقاليع كوسيلة أساسية في نشر مايريدون، فيما تعتبر الملابس أهم نقطة في هذه الموضة؛ لأن الثياب تلبس مراراً وتكراراً وتميز شخصية صاحبها، وتجعله يتآلف معها.