مع نهاية هذا الشهر من كل عام يطوي أغلب أبنائنا صفحة بالية من مسيرتهم الدراسية، وينهمكون مدة ثلاثة أشهر في عطلة قد تطول جداً على البعض، وقد يشعر بها آخرون قصيرة جداً، وهنا تحديداً يكون للأولياء القرار الأول والأخير في طبيعة الرحلة التي سيقطعها الأبناء خلال عطلة الصيف. وفي الواقع تعتبر العطلة الصيفية فترة زمنية مكملة للتحصيل المدرسي متى استغلت بالشكل الأمثل، ويمكن للتلميذ أن يتعلم خلال أشهرها القليلة ضعف ما يتعلمه في المدرسة طيلة السنة. ونعود للقول والتأكيد أن هذا لن يتسنى دون بصيرة ثاقبة وحرص مطلوب من الآباء لتحقيق هذه النتيجة، وعدم ترك الأبناء للشارع أو ضحايا محتملين أمام شاشة التلفاز وهي سلوكيات عموماً لا تبشر بخير أبداً. قد تكون المراكز الصيفية النافعة هي بداية الإجابة عن طبيعة الدور الذي يفترض أن يضطلع به الأهل لشغل أوقات فراغ أطفالهم خلال الصيف، لكنها حتماً ليست الخيار الوحيد وإن كانت الأفضل في غياب خيارات أخرى. لذا لن يعدم الآباء ، متى عجزوا لأسباب موضوعية أو ذاتية عن إلحاق أبنائهم بمراكز صيفية محترمة، أن يقوموا بدورهم المفترض بإعداد برنامج منزلي لأبنائهم يربطهم بالفائدة والمتعة، ويمكن الاستعانة بالمتعلمين من أفراد الأسرة ولو بشكل دوري على مدار الأسبوع لتنفيذ بعض الأنشطة خاصة عندما يكون أحد الأبوين أو كلاهما أمياً أو محدود التعليم. ونتصور أن برنامجاً مثل هذا قد يبدأ بتحديد أوقات معينة لممارسة الأشياء والهوايات التي يحبها الطفل ومحاولة توفيرها له دون تكلف الشراء من البيئة المحيطة، ومشاركة الأبناء ممارسة رياضة معينة أو التلوين والرسم، أو الألعاب التي تقوم على المشاركة مثل الشطرنج، كما أن وضع جدول عائلي للتنزه وتعلم مهارات مثل السباحة قد يكون ممتعاً ومفيداً في الآن نفسه. ولعل أفكارنا الشحيحة التي طرحناها للتو قد تشكل بداية التفكير لغيرنا من الآباء والأمهات لأنشطة مبدعة وخلاقة تثري عطلة الصيف لأولادنا من منطلق معرفتهم اللصيقة بما يحب أبناؤهم وبما يحلمون ويتمنون أن يوفره لهم آباؤهم متى تنازل الآباء والأمهات قليلاً في هذه العطلة عن بعض أنانيتهم وعن بعض الساعات التي يقضونها يومياً في “مقايل القات” أو “التفرطة” لصالح مخلوقات جميلة تستحق منا كل العناء لأنها زينة الحياة الدنيا والآخرة.