مع دخول فصل الصيف وقرب موعد الاختبارات النهائية للجامعات والمدارس والمعاهد الفنية عادت من جديد الانقطاعات الكهربائية، وكنا نظن في بادئ الأمر أنه ظرف مؤقت وستعود الأمور كما كانت في السابق، لكن يبدو أن المؤسسة العامة للكهرباء مصرة على استمرار عرض مسلسلها الشهير «طفي لصي» والذي بدأت عرضه منذ سنوات عدة مضت وهو مايجعل مؤسسة الكهرباء في بلادنا تنضم إلى موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية لأنها حققت أعلى رقم عالمي في عدد الاطفاءات الكهربائية. كنا نظن وبعض الظن إثم أن وزارة الكهرباء والطاقة ومؤسستها العامة ستعملان على ايجاد الحلول العملية الناجعة لمشكلة الاطفاءات المتكررة منذ سنوات، لكن للأسف فقد انصبت اهتمامات قيادتي الوزارة والمؤسسة على الأشياء الثانوية على حساب ماهو هام ومهم جداً، فقد انصبت الاهتمامات على إنشاء المباني الضخمة وشراء السيارات الفارهة والأثاث الضخم بدلاً من إنشاء المحطات التحويلية في المحافظات وشراء المحولات والمولدات لزيادة القدرة في الطاقة الكهربائية لمواكبة التوسع العمراني وزيادة الطلب على التيار الكهربائي على مستوى المدن والأرياف، حيث أصبحت الكهرباء تشكل عصب الحياة العصرية الجديدة.. فبدون الكهرباء تتعطل كل وسائل الحياة فالاتصالات لايمكن أن تعمل دون تيار كهربائي، ووسائل المواصلات الحديثة من طائرات وسفن وسيارات ودراجات نارية ستتوقف عن الحركة إذا لم تزود بالوقود الذي يحتاج إلى تيار كهربائي لضخه من الآبار وتصفيته في المصافي ونقله إلى محطات التوزيع ومن ثم ضخه إلى وسائل النقل المختلفة.. كذلك الأمر بالنسبة للماء الذي هو أساس كل شيء في الحياة.. قال تعالى: «وجعلنا من الماء كل شيء حي» فضخه من الآبار أو تحليته من البحر وايصاله إلى المستهلكين يتطلب تياراً كهربائياً.. بل إن حياة الكثير من الناس تتوقف على توفير التيار الكهربائي فالأجهزة الطبية في المستشفيات لايمكن أن تعمل دون طاقة كهربائية فإذا لم يتوفر التيار الكهربائي لغرض العمليات والكشافات والأشعة والمختبرات وأقسام الإنعاش والاسعافات والقلب والغسيل الكلوي والتوليد فإن حياة المرضى معرضة للخطر ومصير الغالبية منهم هو الموت المحقق حتماً. وزير الكهرباء والطاقة السابق رعاه الله انصبت كل اهتماماته على إلزام العاملين في ديوان الوزارة والمؤسسة العامة بلبس «الكرفتة» وكأن كل الأمور على أحسن مايرام ولم يبق سوى تحسين المظهر اللائق للموظفين ويبدو أن معالي الوزير لايدرك أن المواطن لايهمه أن يرتدي الموظف بدلة رسمية بربطة عنق أو بدون أو يرتدي بنطلوناً مع قميص بكم طويل أو قصير أو حتى يلبس «معوز» أو «فوطة» أو «ثوب» مع جنبية أو بدون، وإن مايهمه هو الحصول على الخدمة التي يتطلبها من هذه الجهة أو تلك. بدون توفير الطاقة الكهربائية لايمكن أن نتحدث عن جذب للاستثمارات العربية والأجنبية وحتى المحلية، والحديث عن تحقيق نهضة تنموية شاملة فمثلما نحن بحاجة إلى ترسيخ الأمن والاستقرار والقضاء على الفساد وكل المظاهر السيئة التي تقف حجر عثرة أمام تدفق الاستثمارات الخارجية، بالقدر نفسه نحن بحاجة إلى توفير البنى التحتية للمشاريع الاستثمارية وفي مقدمتها الطاقة الكهربائية والاتصالات والمياه، فحينما تتوفر كل متطلبات الجذب الاستثماري من أمن واستقرار وبنى تحتية لاشك أن الاستثمارات الخارجية ستتدفق بقوة لإقامة المشاريع الاستثمارية في شتى المجالات الصناعية والزراعية والسياحية والتعليمية والصحية والسمكية، حيث المجالات كلها مفتوحة للاستثمار فيها ولكن تظل مشكلة البنى التحتية في مقدمة المشكلات التي تقف عائقاً أمام تدفق الاستثمارات الخارجية إلى البلاد. وختاماً هل نأمل من حكومة الدكتور علي محمد مجور أن تعلن العام القادم 9002م عاماً للمياه والكهرباء وحشد كل الإمكانات والجهود لذلك؟