يبدو أننا سوف نعتمد كثيراً، وكثيراً جداً، على رجال النجدة وأفراد النقاط والدوريات الأمنية وحدهم في ضبط عمليات أو جرائم سرقة وتهريب وبيع الآثار، وتحمل العبء الأكبر من المسئولية التي يفترض أن هناك جهات ووزارات بحالها معنية بتحملها والمشاركة فيها.. لن أكف عن الكتابة في هذا الجانب وعن هذه القضية والجرح المفتوح، كما لن أفقد الأمل أو الرغبة في المواصلة للمطالبة بقرار سياسي حازم يلملم ما انتشر واندثر من هويتنا التاريخية المستباحة وتراثنا العظيم المتروك عرضة للأيادي القذرة والتدمير الجائر والنزيف الأسطوري. للمرة الثالثة سألح على أولوية قصوى وضرورة وطنية مطلقة إلى «مجلس وطني أعلى للآثار» ولن تسقط الفكرة أو موضوعها وأهميته بالتقادم أو التغافل والتساهل. خلال أسبوع واحد أحبط أفراد الأمن ورجال النجدة الميامين تهريب 27 قطعة أثرية نفيسة في محافظة ذمار لوحدها. وبحسب المركز الإعلامي التابع لوزارة الداخلية فقد تم مؤخراً ضبط 11قطعة أثرية تعود إلى حقب تاريخية مختلفة في ثاني عملية من نوعها خلال أقل من أسبوع. قبلها بأيام محدودة كانت الأجهزة الأمنية قد أحبطت تهريب تمثال برونزي طوله 10سم بمديرية شذا محافظة صعدة، كما أنه وفي الشهر الماضي نفسه تمكن أفراد النجدة الجوالة بالسيارات من ضبط وإحباط تهريب 16 قطعة أثرية بأمانة العاصمة؛ ليعلن وزير الثقافة عن «تكريم لائق» بأفراد الأمن والجنود، وهو أقل القليل مما ندين به لهم من امتنان وعرفان. ولكنه يظل أقل ما تستطيعه أو تتحمله الوزارة المذكورة وتدعى إليه من واجب ووظيفة تجاه الآثار والمواقع الأثرية وحمايتها، بما لديها من إمكانات وبما تمتلك من أجهزة وإدارات مختصة كالهيئة العامة لحماية الآثار ومكاتبها. وطالما وقد ثبت خلال سنوات متعاقبة وطويلة قصور حتى لا أقول عجز وفشل هذه المسميات والآليات العتيقة في حماية وحفظ الموروث والمكنوز الأثري النفيس أو منع تجريف وتخريب ونهب وسلب وبيع نفائسنا التي لا تقدر بثمن، فإن البديل الوحيد والعملي المتاح هو مجلس أعلى بآلية جديدة ومسئولية أكيدة للقيام بهذا الدور الشاغر، ولو بعد حين. شكراً لرجال الأمن وأفراد النجدة.. والشكر أقل ما يقال.. وجمعتكم مباركة. شكراً لأنكم تبتسمون