العليمي وبن بريك والمعبقي يصادرون موارد الصناديق الإيرادية الجنوبية    من بينها فوردو.. ترامب يعلن قصف 3 مواقع نووية في إيران    مولودية الجزائر يخطف اللقب التاسع    أثار نزاعا قانونيّا.. ما سبب إطلاق لقب «محاربو السوكا» على ترينيداد؟    فلومينينسي ينهي رحلة أولسان المونديالية    الرئيس الزُبيدي يُعزّي الشيخ عبدالرب النقيب في وفاة شقيقه    شوجي.. امرأة سحقتها السمعة بأثر رجعي    علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي    بعد العدوان الأمريكي على ايران ..بيان هام لأنصار الله    أمريكا تلعب بالنار    روايات الاعلام الايراني والغربي للقصف الأمريكي للمنشآت النووية الايرانية وما جرى قبل الهجوم    ترامب يعلق مجددا على استهداف إيران    هاني الصيادي ... الغائب الحاضر بين الواقع والظنون    التلفزيون الايراني يعلن عن هجوم امريكي على منشآت نووية واسرائيل تتحدث عن تنسيق وضربة قوية    الدفاعات الإيرانية تدمر 12 طائرة مسيرة صهيونية في همدان    استعدادات مكثفة لعام دراسي جديد في ظل قساوة الظروف    بتواطؤ حوثي.. مسلحون يحرقون منزلاً في محافظة إب بعد نهبه    الحرس الثوري يطلق الموجة 19 من الطائرات الانتحارية نحو الكيان    ما وراء حرائق الجبال!!    محافظ تعز يبحث مع مسؤول أممي أزمة المياه والحلول الممكنة    حملة لازالة البساطين والعشوائيات في باب اليمن    الرزامي يهاجم حكومة الرهوي: الركود يضرب الاسواق ومعاناة الناس تتفاقم وانتم جزء من العدوان    تدشين الدورة الآسيوية لمدربي كرة القدم المستوى "C" بالمكلا    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 55,908 شهيدا و 131,138 مصابا    الطوارئ الإيرانية: إصابة 14 من طواقم الإسعاف وتضرر 7 سيارات جراء العدوان الصهيوني    نجم مانشستر سيتي في طريقه للدوري التركي    الرهوي يشيد بجهود وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية    إحباط عملية تفجير غربي إيران واعتقال عنصر مرتبط بالموساد    ليفاندوفسكي يحدد وجهته بعد حقبة برشلونة    وزيرالكهرباء ومحافظ المحويت يناقشان أوضاع مشاريع المياه والصرف الصحي    الشغدري يتفقّد مشاريع خدمية في دمت بالضالع    تشيلسي يقترب من إبرام صفقة مؤجلة    فساد الاشراف الهندسي وغياب الرقابة الرسمية .. حفر صنعاء تبتلع السيارات    الاتحاد الأوروبي يقدّم منحة مالية لدعم خدمات الصحة الإنجابية في اليمن    اسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 21 يونيو/حزيران 2025    على مركب الأبقار… حين يصبح البحر أرحم من اليابسة    من يومياتي في أمريكا .. بين مر وأمر منه    بين حروف الرازحي.. رحلة الى عمق النفس اليمني    قصر شبام.. أهم مباني ومقر الحكم    الترجي التونسي يهدي العرب أول انتصار في كأس العالم للأندية 2025    البحسني يكشف عن مشروع صندوق حضرموت الإنمائي    مقتل عريس في صنعاء بعد أيام من اختطافه    مليشيا درع الوطن تنهب المسافرين بالوديعة    نكبة الجنوب بدأت من "جهل السياسيين" ومطامع "علي ناصر" برئاسة اليمن الكبير    صنعاء .. موظفو اليمنية يكشفون عن فساد في الشركة ويطالبون بتشكيل لجنة تحقيق ومحاسبة جحاف    «أبو الحب» يعيد بسمة إلى الغناء    علي ناصر محمد أمدّ الله في عمره ليفضح نفسه بلسانه    بين ملحمة "الرجل الحوت" وشذرات "من أول رائحة"    الأمم المتحدة تقلّص خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن وسط تراجع كبير في التمويل    ديدان "سامّة" تغزو ولاية أمريكية وتثير ذعر السكان    نجاح أول عملية زرع قلب دون الحاجة إلى شق الصدر أو كسر عظم القص    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    فعاليتان للإصلاحية المركزية ومركز الحجز الاحتياطي بإب بيوم الولاية    كيف تواجه الأمة الإسلامية واقعها اليوم (2)    الخطوط الجوية اليمنية... شريان وطن لا يحتمل الخلاف    الصبر مختبر العظمة    شرب الشاي بعد الطعام يهدد صحتك!    الصحة العالمية: اليمن الثانية إقليميا والخامسة عالميا في الإصابة بالكوليرا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظاهرة الغش القبيحة وأخواتها
نشر في الجمهورية يوم 05 - 07 - 2008

عندما نطلق صفة (الظاهرة) على ما يحدث من ممارسة للغش في الاختبارات فذلك يعني أن هذه الممارسة السيئة قد تضخمت وتجاوزت حدود الأخطاء البشرية الطبيعية التي يقع فيها عدد محدود من الأفراد هنا وهناك بشكل سري محفوف بالخوف الشديد ليس فقط من العقوبة المترتبة عن انكشاف الممارسة بل أكثر من ذلك الخوف من الفضيحة والإحراج ، وفوق ذلك شيء من تأنيب الضمير لدى الكثير من مرتكبيها حتى إذا لم يكتشفوا.
أي أن ما يجعل مسألة الغش في الاختبارات ظاهرة بالغة الخطورة ليس وجود أعداد محدودة من الطلاب يلجؤون لسبب أو لآخر إلى الغش والتحايل تعبيراً عن عجزهم في المنافسة الشريفة مع أقرانهم من زملائهم الطلاب ، وإنما في كون أعداد الممارسين لهذا السلوك الشائن كبيرة وفي تزايد سنوي مستمر ، والأخطر من ذلك حصول اهتزاز قيمي ملحوظ لدى غالبية الممارسين للغش بمعنى أنه لم يعد في نظرهم جريمة ولا سلوكاً مشيناً.
وبتعبير أدق إن هؤلاء الفتية والشباب يمارسون الغش في ظل غياب شبه كلي لما يفترض أنهم قد تشربوه في مدارسهم وفي بيوتهم من قيم وثقافة مجتمعهم الرافضة لمثل هذا السلوك ، حتى وصل الحال بالكثير منهم إلى ضعف غياب الشعور بالحرج أو بتأنيب الضمير لعدم لياقة ذلك التصرف بل ربما يعتقدون أن ذلك من حقهم كعمل لا بد منه لتحقيق مصالحهم الحياتية الضرورية.
وظاهرة الغش التي سنتعرض لها في هذه المقالة ليست هي المشكلة الوحيدة المؤثرة سلبا على مسائل الكفاءة والسلامة والمصداقية اللازم تأمينها للاختبارات ، بل نستطيع القول إن لها الكثير من الأخوات اللاتي وإن كن أصغر منها وأقل حضورا وضوضاءً ، إلا أنهن جميعا ينافسنها في القبح والدمامة والإضرار من هذه الظويهرات على سبيل المثال ظويهرة تسريب أسئلة الاختبارات التي يقدم عليها بعض الفاسدين أو ضعاف النفوس من المحسوبين على السلك التربوي ، وظويهرة تزوير الشهادات المدرسية والعامة التي يقدم عليها بعض الطلاب الراسبين الفاشلين أو الأشخاص المحتالين والنصابين ، وظويهرة المدارس الحاضنة للفاشلين والتي يحولها مديرون فاسدون إلى مدارس سيئة السمعة لما تقوم به من تسجيل العديد من الطلاب المزورين والراسبين والفاشلين من خارج النطاق المحلي للمدرسة بغرض ترتيب أوضاعهم نهاية العام الدراسي عن طريق تسهيل نجاحهم وإدماجهم في الكشوف المدرسية الرسمية
تعقيب: هذه التبريرات – لو صحت استنتاجاتي – تعبر عن إشكالات متعددة الجوانب:
فهي تعكس تأثيرات الثقافة العدمية الأنانية التي تنتجها إيقاعات الحياة المعاصرة بخلفيتها الوافدة .
وتعبر عن جوانب ضعف في أنظمة الضبط المتصلة بالاختبارات المدرسية والعامة ، في ظل غياب أو ضعف العمليات التقويمية المستمرة للطالب.
وتعكس إشكالية النظرة العامة إلى قواعد العمل التربوي التي تضعها وزارة التربية والتعليم باعتبارها مجرد شئون إدارية رسمية خاصة كأي وزارة ولا علاقة لها بشئون العقيدة والدين والمبادئ والقيم العامة للمجتمع وذلك لعدم وضوح غايات وأسس وأهداف النظام التربوي الذي تمثل الوزارة جزءاً منه.
كما تعكس ضعف وتقصير بعض الإدارات المدرسية في ضبط عمليات الحضور المدرسي في ظل غياب آليات تعليمية مدرسية لاحتواء وتعويض ما يفوت على الطالب المتغيب اضطرارا.
وأما الإشارة إلى تورط بعض المعلمين فتمثل تحذيراً صارخاً عما يتسبب به مثل هذا التورط لدى الطلاب من سقوط وانهيار رموز القدوة الحسنة.
وإذا تم توجيه السؤال على مجموعة من الأهالي المتجمهرين والمشاغبين من أفراد المجتمع الساعين إلى تغشيش الطلاب فأعتقد أن الإجابات في مجملها ستدور حول:
كيف لا أقف مع أقاربي / أهل قريتي ؟ هل نتركهم يرسبون ويتعقدون ؟ [ وهذا تعاطف في غير محله يعكس عدم الوعي بخطورة ذلك التصرف].
أشتي أخلص من مصاريف ابني المدرسية المرهقة ، وأريده أن يتخرج ليبحث له عن وظيفة [وهذه معالجة سيئة تحفزها ضغوط اجتماعية واقتصادية ].
ابني ذكي ومذاكر لكنه دخل الاختبار وهو مريض ومرهق [ وهذا انعكاس لضعف واضح في الوعي العام للطلاب حول أساليب المذاكرة والاستعداد للاختبارات من خلال الاجتهاد طوال العام وليس فقط قبل الاختبارات ، إضافة إلى وجود مشكلة في نظام الاختبارات من حيث عدم وجود حل سليم لمن قد يضطر إلى التغيب عن الاختبار لأي سبب شرعي] .
الغش شغال في المراكز الأخرى فلماذا يشددون على عيالنا فقط؟ [ مبرر انفعالي أحمق ينتج موقفاً ضاراً ومدمراً ناتجاً بدوره عن جهل وضعف في الوعي الثقافي وناتجاً أيضا عما يتضمنه الخطاب الإعلامي عموما من التعميم والتهويل وما يحدثه من الترويج غير المقصود للظاهرة]
نحن دفعنا كافة تكاليف رئيس المركز والملاحظين ، فعليهم عدم إلحاق الضرر بعيالنا [ بالإضافة إلى ضعف الوعي العام ، وإلى وجود مشكلات إدارية وقيمية لدى بعض المعنيين في الإدارة التعليمية المحلية ، فإن العامل المالي المتصل بمحدودية النفقات المعتمدة للاختبارات وتأخر وصول المستحقات إلى المعنيين الميدانيين يمثل المسئول الأكبر عن هذه المشكلة].
أنا تخرجت العام الماضي بمساعدة إخواني الذين يختبرون هذا العام ، وعليّ مساعدتهم [ضعف أنظمة الضبط المتصلة بالاختبارات في ظل غياب للعمليات التقويمية المستمرة للطالب] .
نريد أن تطلع نتيجة طلاب مدرستنا مشرفة [عصبية اجتماعية تعكس «العدامة » وضعف الوعي وضيق الأفق] .
مساعدة الطلاب الذين معنا في الحزب مهم جداً لتأكيد تضامننا الحزبي [حقيقة حزبية مؤسفة ومدمرة]
أنا شخص مرموق وصاحب وجاهة وأريد أن يعرف القطاع الطلابي في منطقتي أنني في صفهم وإلا قد أخسر شعبيتي [أنانية مفرطة + جهل مركب. وهذه للأسف صورة من صور ضعف الوعي العام عند بعض الرموز الاجتماعية والحزبية] لكن البعض جرمه لا يغتفر.
وأما بالنسبة لمسئولي المراكز الاختبارية ومساعديهم من المراقبين والملاحظين فبالنظر إلى كونهم محسوبين ضمن التربويين المتعلمين الواعين المثقفين الذين يمثلون قدوة مهيبة لأبنائهم وإخوانهم الطلاب كما يمثلون نخبة معتبرة في نظر المجتمع ، فإن مجرد الإهمال والتساهل يعتبر جرماً فاضحاً لا يليق بأي موظف ناهيكم بالمعلم الذي من مهماته تربية العزائم وتقوية الهمم ومواجهة التقصير والاختلالات.
أما حين يصل الأمر إلى تورط بعض التربويين في ممارسة جريمة الغش لأبناء مجتمعهم تطوعا أو لمكسب حقير , فإن ذلك يعد جريمة شنعاء لا تغتفر وخيانة مدوية للرسالة النبيلة التي يحملها كل معلم تربوي ، فماذا يكون الفارق بين هؤلاء (الأساتذة) وبين غيرهم من الجهلة والحمقى والغوغائيين.
ماذا تراهم قائلين في مواجهة السؤال العتيد؟ ما سلككم في هذا الجرم ؟
هل سيقولون غفلنا عن هذه المعاني ؟ [إذن يصمون أنفسهم بالجهل].
أم يقولون غلبنا الإحباط واليأس من إصلاح الأمور. [أذن يدخلون أنفسهم في القانطين من رحمة الله ؟].
أم يقولون غيرنا كثير يقومون بنفس الخطأ. [إذن يدخلون أنفسهم في عصيان التوجيه النبوي «لا يكوننّ أحدكم إمّعة »..] .
أم يقولون خفنا من الطلاب الذين كلفنا بمراقبتهم أن يحقدوا علينا أو يتعرضوا لنا بسوء فكان علينا إرضاؤهم فيدخلون.
[إذن يصمون أنفسهم في برذيلة الجبن والمهانة].
أم يقولون لم تسلم لنا مستحقات العمل في الاختبارات فأخذناها من الطلاب. [فيدخلون في لعنة الجريمة المزدوجة وفي صفعة العذر الأقبح من الذنب .. ].
بصريح العبارة أنا - كاتب هذه السطور - بكل ضعفي وتقصيري وبكل إدراكي وتقديري لمشاكلهم ومتاعبهم الوظيفية والمعيشية ، لا أجد لهم أي أعذار مقبولة أو أي تبريرات معقولة. وأدعو أن تتخذ ضد من يثبت تورطهم في ممارسة جريمة الغش من المحسوبين على السلك التربوي عقوبات قانونية تتناسب مع فظاعة الجرم وفداحة الضرر ، على أن يكون من ضمنها أن تسحب منهم صفة المعلم التربوي التي لم يكونوا في مستواها.
وللحديث بقية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.