بدأت المراكز الصيفية هذا العام بدعاية إعلامية نشطة تجعل الأسر تعلق عليها الآمال في استثمار طاقات الأطفال والشباب ، ولأن البداية قوية إعلاميا فإن المأمول منها كبير في نظر الآباء والأمهات وبخاصة أولئك الذين لا يملكون المال للسفر مع أبنائهم في رحلات صيفية أو لإدخال أطفالهم في النوادي الخاصة . نتمنى أن تكون المراكز الصيفية خلية نشاط حقيقية يمارس فيها الأطفال هواياتهم ويتدربون على مهارات جديدة ويسمعون كلاما يعيد إلى أنفسهم الثقة بالتعليم، وينمي في نفوسهم حب الوطن.. إن أهم ما يجب أن يتم التركيز عليه في المراكز الصيفية هو تنمية الولاء الوطني ، فما نراه من تخريب للمرافق العامة من الصبيان يدعونا إلى إعادة النظر في علاقة الأطفال والشباب بالوطن، لقد صرنا نشاهد أطفالا يجعلون من مصابيح الإنارة في الشوارع هدفا لنبالهم ، وأطفالا يحطمون أثاث المدرسة عن قصد وباستمتاع وأطفالا يسعون بكل طاقاتهم لتلويث الشوارع بمخلفات بيوتهم لا يأبهون أين يضعون المخلفات وإنما يسعون وبإصرار غريب إلى وضعها في غير الأماكن المخصصة لها ، وأطفالا هوايتهم العبث بكل ما هو عام ، وكأنهم في عداء مع الوطن ... ربما يكون ذلك مظهرا من مظاهر فشل التربية في المنزل ، ولكن التربية في المدرسة لها دور كبير في تنمية الولاء للوطن ، وما يحدث في مدارسنا هو تنمية الانسلاخ عن الوطن وليس حب الوطن ؛ فالتعليم في المدارس لم يعد يبدأ بطابور صباحي يعزف فيه الطلبة بأيديهم السلام الوطني ويشعرون بهيبة الوطن من خلاله ، ولا يرتكز التعليم داخل الصف على جهد المتعلم ، بل يجعل الطالب متلقيا لدروس الانتقاص من أخلاقه أكثر من المعلومات، ونحن بحاجة لدراسة علمية تحدد كم من وقت الحصة يقضى خارج الدرس في المدارس العامة ؟ وصار الطالب يعد الدقائق والثواني يوميا ينتظر سماع صوت جرس انتهاء اليوم الدراسي لينطلق خارج الفصل وكأنه طائر فك قيده من قفص الصياد ، ويعبر عن ملله وقرفه من المدرسة بإتلاف الكتب المدرسية وتخريب كلما تقع عليه عينه وتستطيع أن تطاله يده من ممتلكات الوطن. المراكز الصيفية فرصة لربط الأبناء والبنات بالمدرسة وتنمية الولاء لهذه المدرسة وللوطن ، ولو أن القائمين على المراكز الصيفية فكروا في أنشطة غير تقليدية يقوم بها الأبناء لتنمية الولاء الوطني في عطلة الصيف مثل عمل مسابقات لغرس الأشجار في الشوارع، كل مجموعة تهتم بحيها والمجموعة الفائزة تمنح مكافأة على نشاطها، أو التعاون في ترميم ما أحدثته الأمطار والسيارات والمارة من تشوهات في طرقات الحي، أو حملة نظافة للحي أو تجميل الحي برسوم تعبر عن حب الوطن ولتكن هذه الرسوم حتى بألوان دائمة على الجدران في الأحياء أو جمع أبيات من الشعر تعبر عن حب الوطن وكتابتها في كل مكان يرونه مناسبا في أحيائهم أو عمل فرق تطوعية لتعليم أبناء الحي الصغار القراءة الصحيحة والكتابة ...كثيرة هي الأنشطة التي تجعل الشباب والأطفال يشعرون بأن لهم قيمة وأنهم مهمون وجادون في بناء الوطن ... ذلك هو الذي نتمناه من المراكز الصيفية ومع ذلك فالمراكز الصيفية بوضعها الحالي تعد وسيلة إنقاذ لأبنائنا من خطر الشوارع ووسيلة لإراحة المرضى والعجزة من إزعاج الأبناء باللعب بجوار المنازل .. يكفي أن الأمهات والآباء يشعرون بالأمان أن أبناءهم يمارسون هواياتهم حتى في الإزعاج والشيطنة تحت نظر مشرفين أو مراقبين من الكبار في هذه المراكز يستطيعون التدخل بين الصغار إذا اشتدت الشيطنة فيما بينهم...لكن المأمول أن يخرج الصغار من هذه المراكز وهم يتمنون عودتها في العام التالي...