من بين أهم الأسباب التي أجبرت حزبي الإصلاح والاشتراكي على التقارب ضمن مايسمى باللقاء المشترك رغبة الحزبين في تغيير صورتيهما، أو بالأحرى تزييف صورتيهما أمام الرأي العام المحلي والخارجي، وقد أقدم كل حزب منهما على هذه الخطوة بصفة مستقلة عن تفكير الآخر، غير أن النوايا جمعتهما على مائدة هذا اللقاء وتقاطعت المصلحة عند نقطة المغالطة والتزييف. التجمع اليمني للإصلاح وجد نفسه أمام مشكلة كبرى تواجه الأحزاب والجماعات ذات التوجه الديني الأصولي على مستوى العالم وبدأ يستشعر خطورة هذا التصنيف محاولاً الإفلات من عباءة التطرف وتفادي نظرة من هذا النوع يمكن أن تطاله في أي موقف، والحقيقة أن تهماً من هذا النوع كانت توجه دون دراسة وتدقيق والخروج من قائمة التهم ليس كدخولها فإذا كان الدخول مجاناً، فالخروج باهظ الثمن وربما يأخذ وقتاً طويلاً للخروج من هكذا قائمة.. وعلى المستوى المحلي لابد وأن تنعكس نظرة من هذا النوع سلباً على الإصلاح وإن كانت المسألة أقل تكلفة وأقل خطورة، لكنها تبقى مزعجة للغاية..كل هذا دفع بالإصلاح إلى التقارب مع الحزب الاشتراكي ليقول للداخل والخارج إنه حزب معتدل ويمكن أن يتعايش ويتعاطى مع الغير ولو كان هذا الغير هو الحزب الاشتراكي الذي كان إلى الأمس القريب خصماً أيديولوجياً وسياسياً للإصلاح ووصلت العلاقة بينهما إلى أبعد من مجرد الخلاف والخصومة.. رأى الإصلاح في ظل المتغيرات الدولية أن الاشتراكي هو الخيار المناسب لتخفيف تركيز نظرة الخارج والداخل نحوه..وفي ذات الوقت كانت النظرة تجاه الحزب الاشتراكي من قبل الداخل والخارج هي أيضاً تفرض عليه خيارات لم تكن واردة من قبل ولا مقبولة عند بعض قياداته غير أن المتغيرات الداخلية على وجه الخصوص هي التي أجبرت هؤلاء على التقارب مع الإصلاح لتجاوز تبعات حرب 4991م ومانجم عنها من مشاكل على المستوى التنظيمي وعلى شعبية الحزب وفي ذات الوقت لأسلمة بعض الأفكار والنظريات وفقاً لمقتضيات المرحلة..من هنا يتضح للجميع سر التقارب النسبي بين الإصلاح والاشتراكي حيث رأى كل منهما في الآخر وسيلة لتغيير الانطباع السائد عنه، وهي نقطة التقاطع الوحيدة بينهما وعدا ذلك فالعلاقة تلتقي عند رغبة كل منهما في الوصول إلى السلطة. والسلطة هدف لايقبل القسمة على اثنين أو أكثر عندهما وإن قيل في ظاهر الحال وظاهر القول والسياسة إن أحزاب المشترك تعمل مجتمعة لتحقيق هذا الهدف وغيره من الأهداف التي يعلنون عنها، والشواهد على أن العلاقة بينهم لم تتجاوز نقطة التقاطع الوحيدة وفكرة الوصول للسلطة بشكل منفرد تتضح تلك الشواهد بالنظر لنتائج الانتخابات المحلية والرئاسية الأخيرة وبعد ذلك انتخابات المحافظين وأخيراً اتضح للناس جميعاً حجم الخلاف «غير المعلن عنه» حيث لم تفلح تلك الأحزاب في الاتفاق على تحديد مرشحيها للجنة العليا للانتخابات وبدأ الإرباك والتناقض واضحين في هذا الجانب سواء على مستوى الحزب الواحد أو على مستوى أحزاب المشترك وأحسب أن كل ماقد يقال في هذا الجانب إنما يقال للتغطية ولمحاولة تجاوز الخلاف وتفادي شماتة الأحزاب الأخرى وللإبقاء على نقطة التقاطع بين الاشتراكي والإصلاح!!