رمضان كريم .. وكل عام وأنتم بخير.. صائمون قائمون، في النهار عاملون، مجدون ومثابرون، غير ناعسين من كثرة السهر ولامتخمين من كثرة ما استقبلت المعدة من طعام.. كل عام وأنتم بخير وفي صحة وعافية وستر.. وأجارنا الله وأجاركم من خطر الغذاء ومن سلوكيات الاستهلاك ومن عادات التبذير والتبديد في الشهر الذي جاء ليعلمنا الاقتصاد والتقشف. جاء رمضان ليعلمنا كيف نتخلى عن تلك العادات التي ألفناها طوال السنة في إتخام المعدة بأصناف الطعام، ونكتفي عند الإفطار نتبادل قليل من التمر والرطب والشربة واللبن وماتيسر من الخبز والخضروات .. فإذا بنا عافانا الله وإياكم قد أحلنا الشهر إلى كرنفال للإنفاق في جلب أصناف الطعام من مقليات متنوعة فيها السمبوسة وأخواتها والإدام باللحم المفروم وغير المفروم وفيها السلتة من كل نوع والفتة بالسمن البلدي أو بزيت الجلجل كرنفال للإنفاق على الحلويات من واردات القبيطة والراهدة وتهامة وحضرموت.. كأننا قد عشنا في مجاعة طوال العام فجاء شهر رمضان لكي نُعَبَىء المعدة والجهاز الهضمي بأصناف الطعام مايكفينا طول السنة القادمة .. كأننا لن نعرف الطعام ولن نتذوقه ابتداءً من شهر شوال حتى يأتي رمضان..!! بالله عليكم؛ هل نحن عقلاء ونحن نتعامل مع شهر رمضان على هذا النحو المفرق في الجهل وقلة المعرفة بخطورة الطعام على معدة لم تتخلص بعد من التخمة في الليلة السابقة،حتى تفاجأ بأن عليها أن تهيأ لاستقبال تخمة جديدة في الليلة التالية ؟!! سامح الله الأعراف التي تجعل الناس ينقادون لاتباع عادات في الطعام ما أنزل الله بها من سلطان.. سامح الله الأعراف حتى وإن كانت غبية صحياً، فقد تستيقظ هذا العام، ونستلهم من أخطائنا السابقة الصواب في التعامل مع شهر رمضان بما يقربنا إلى الله وليس بما يقربنا إلى القبر. إن الصيام على النحو الذي شرعه الله لعباده هو أفضل وسيلة طبيعية تساعد الجسم على التخلص من السموم وتنقيته من النفايات المترسبة في الخلايا، وترك الجسم نظيفاً نقياً بلا شوائب ولا عوادم.. يا إخواننا الكرام عافاكم الله وعافانا، أجسامنا تحتاج إلى فترة راحة من الطعام لكي تتمكن الإنزيمات أو الخمائر من الحصول على الطاقة الكافية للتخلص من الخلايا الميتة والميكروبات الضارة ونفايات التمثيل الغذائي والملوثات بشتى أنواعها.. نحتاج إلى صيام حقيقي وليس صياماً زائفاً كهذا الذي يمارسه الكثيرون منا.. وهنيئاً ... هنيئاً لمن عرف كيف يصوم وكيف يفطر.