هل الغذاء لابد إلا أن يكون غذاء للبطون..؟ أما سمعتم عن غذاء للعقول..؟ لماذا ينشغل الناس فقط بملء البطون ولانجد من يشغله غذاء عقله إلاَّ الندرة النادرة من الناس في بلادنا دوناً عن بقية الشعوب الناهضة من تلك التي تعطي أهمية خاصة لتغذية عقولها بالعلم والمعرفة عن طريق الدراسة والقراءة والاطلاع . يقولون: إن متوسط مايقرؤه الفرد العربي في البلاد العربية ومنها اليمن لايزيد عن نصف صفحة في السنة كاملة، بينما متوسط مايقرؤه الفرد الأمريكي ثلاثة عشر كتاباً في العام الواحد وشتان بين من يقرأ نصف صفحة طوال العام ومن يقرأ ثلاثة عشر كتاباً.. فلابد للثاني أن يكون متميزاً في عقله وتفكيره وأخلاقه وأسلوب حياته بقدر مايكون الأول هابطاً في كل شيء ماعدا أولئك الذين يقرؤون كتاب الله ويتأملونه ويستوعبونه ويبذلون جهدهم للسير على هديه وإرشاده والعمل قدر المستطاع بأخلاقه وتوجيهاته. نحن نعلم أن غذاء البطون أيضاً له قيمة وأهمية ولكن لانريده أن يكون كل شيء..فليكن بعض الشيء أو نصف الشيء أو إن شئتم ثلاثة أرباع الشيء.. أما أن يكون غذاء البطن وإشباعها هو كل شيء فهذا منتهى الخطر!! المعدة أيضاً بحاجة إلى راحة وكذلك الأمعاء وكذلك جميع الأعضاء والأنسجة بحاجة إلى فترة راحة من استمرار تناول الغذاء حتى المخ نفسه بحاجة أن يرتاح قليلاً من إمدادات الغذاء فلماذا يجد نفسه «أي المخ» مرتاحاً راحة أبدية من القراءة والاطلاع وإشباعه من المعلومات التي تتدفق كأنها السيل الهادر على صفحات الجرائد والصحف والمجلات والكتب، فلايجد من يغذيه منها أو يطلعه على مكنوناتها في الوقت الذي يجد الناس في بلادنا يلحون عليه «أي المخ» إلحاحاً متواصلاً أن يستقبل ماتمده أو تزوده به المعدة والأمعاء من أصناف الطعام التي لاتتوقف أبداً طوال العام!!؟ ألا ماأشد حاجة المخ للتوقف عن استقبال ماتتحفه به المعدة والأمعاء وماأشد حاجته من ناحية ثانية أن يجد من يزوده بالمعرفة..فلماذا لايهتم الناس في بلادنا سوى بأن يملأوا بطونهم ولايشعرون بحاجة عقولهم للغذاء الروحي والعقلي والثقافي.هل صار العقل أهون من المعدة إلى الحد الذي نجعله يعاني من مجاعة مستديمة، مقابل أن نجعل المعدة تعيش في تخمة طوال العام وحتى في شهر رمضان؟! فصوموا عن الطعام تصحوا ولاتصوموا عن المعرفة.