كانت العالمية الثانية الفيصل في الرؤية الجديدة للتجارة الدولية ، فقد تداعى الحلفاء الغربيون إلى قرية ( بريتن وودس ) بالولاياتالمتحدة لوضع ملامح العالم الجديد من خلال اتفاقية النقد الدولي المغايرة لمألوف العلاقات النقدية التي كانت قبل الحرب ، فالاتفاقية الجديدة استبدلت الأدوار الحاسمة لبنوك الإصدار للعملات بدور الدولة المهيمن فعلياً على تلك البنوك المركزية، وبالتالي جاءت فكرة سلة العملات الصعبة كتعبير عن التحالف المتين بين دول المعسكر الغربي، وكان لابد لهذا التحالف أن ينسجم مع المكانة المركزية للولايات المتحدة بوصفها أكبر الدول وأقوى الاقتصاديات العالمية مع توفر مايقارب 70 في المائة من رصيد الذهب العالمي، وكان لابد أيضا أن يتربع الدولار في صدر العملات الصعبة الخاصة بالحلفاء الغربيين. انبثق عن اتفاقية «بريتن وودس» إنشاء البنك الدولي للتنمية والاستثمار، وكذا صندوق النقد الدولي، وقد لعب البنك الدولي دوراً كبيراً في إطار مشروع مارشال الشهير لإعادة بناء أوروبا المدمرة، وبالمقابل كان البنك الولي معنياً بالحفاظ على مرئيات «بريتن وودس» وتطبيقها الفعلي على الأرض، وخلال الفترة مابين 1944 وحتى 1971 كانت «بريتن وودس» مُسيجة بالاحتياط الذهبي الكبير للولايات المتحدة، غير أن حرب فيتنام أفضت إلى أن تقوم الولاياتالمتحدة بإلغاء مرئيات «بريتن وودس» من طرف واحد فيما سمي حينها بصاعقة نيكسون الذي أمر المالية والخزانة المركزية الأمريكية بالتخلي عن المعيار الذهبي للدولار، وذلك عطفاً على تزايد شراء أذون الخزانة بالدولار.