قبل حوالي العام تحدثت في هذه الزاوية تحت عنوان «تعز..هل هي استثناء؟»..عن الغياب السياحي والثقافي. وقلت: في الوقت الذي نرى فيه الكثير من محافظاتنا اليمنية تشهد تنظيم وإقامة العديد من المهرجانات السياحية والثقافية التي أخذت طابع الديمومة والاستمرارية كمهرجان البلدة في حضرموت ومهرجان أسعد الكامل في ذمار والمهرجان السياحي في إب، ومهرجانات أخرى شبيهة في كل من الحديدة والجوف وغيرها من المحافظات..إلا أن تعزالمدينة الغنية بتراثها السياحي المتنوع، والثقافي الذي يبعث على الدهشة والروعة غائبة عن هذا الحراك تماماً..فهل تعز هي استثناء؟! ولا أخفيكم هنا أن مادفعني للتذكير بهذا الغياب الباعث للأسى مايعتمل حالياً في عدد من المحافظات لاسيما محافظتي عدنوالحديدة من استعدادات لاستقبال الآلاف من الوافدين من مختلف محافظات الجمهورية وعدد من الدول المجاورة لقضاء إجازة عيد الأضحى المبارك والتنزه في مواقعها السياحية لاسيما الساحلية منها.. وهنا أسأل: أين تعز من هذه الاستعدادات الجارية، خاصة إذا عرفنا أن محافظة تعز هي السياحة والتنوع المناخي والطبيعي الذي قلما تجد له شبيهاً، ليس في محافظاتنا اليمنية وحسب بل في كثير من مدن السياحة العالمية ؟! أين تعز من هذا الحراك المعتمل.. وتعز هي الفناء الثقافي المفعم برائحة التاريخ المسكون في أركانها وعبق حضارتها المستمر؟! وماذا عن المهرجانات الثقافية والسياحية «الصيفية» و«العيدية» التي كان من المتوقع إقامتها في سابق الأيام ومن ثم كتب لها النسيان؟! السياحة في تعز غائبة تماماً، بل يبدو أنها تنمية مؤجلة لم يحن بعد الكشف عن تفاصيلها المخبوءة..وهو الغياب الذي يتحمل مسؤوليته رجال المال والأعمال وقيادة السلطة المحلية في المحافظة والمديريات في آن.. إضافة إلى المكاتب الحكومية المختصة.. تعز مهملة سياحياً ليس لكونها لاتتمتع بالمناظر السياحية والطبيعية الخلابة أو تغيب عنها السواحل الجميلة..ولكنها مهملة بسبب قيادات المجالس المحلية من جانب وأبنائها من جانب آخر.. هؤلاء جميعاً تناسوا أن السياحة تعد ركناً أساسياً من أركان التنمية في تعز..وهي الصورة الأجمل التي تحوي كل الفنون.. تعز فيها من الأسواق الشعبية والمعالم الأثرية والمواقع السياحية الشاطئية والجبلية ماتستهوي الآلاف من داخل الوطن وخارجه، وباستطاعة الجهات المعنية بالتعاون مع رجال المال والأعمال بالمحافظة أن يجعلوها قبلة السياح ليس في المناسبات العيدية وحسب وإنما في مجمل أيام السنة.. إن مايحزننا ونحن نحتفل اليوم بأول أيام عيد الأضحى المبارك أعاده الله علينا وعليكم بالخير والبركة المشهد السياحي العام أو الصورة السياحية المؤلمة المرسومة فوق سماء الحالمة.. يحزننا أن نتحدث عن هذا الفناء والثراء المليئين بالدهشة والروعة، وفي الوقت نفسه لم نجد من يحسن استغلالها بما يعود على المحافظة وأبنائها بالخير والفائدة. السياحة في تعز ليست كلاماً.. ولكنها حقيقة نبحث اليوم عمن يترجمها وفق رؤية تضمن جعلها حركة دائمة النمو والتجدد.. أخيراً أجدها مناسبة لأذكر القائمين على الحدائق «الخاصة» في تعز على قلتها أن العيد هو فرحة الأطفال فلا تحيلوها إلى غم بأسعاركم التي لاتفرّق بين الميسورين وغير الميسورين.. وكل عام وأنتم بخير.