كل ما يحدث اليوم وما حدث بالأمس وما قد يحدث في الغد من أزمات وصراعات في أرجاء العالم كل ذلك يرجع بالأساس إلى أزمة واحدة هي أزمة بطون أولاً قبل أن تتفرع إلى أزمات أخرى وتتحول إلى صراعات تأخذ طابعها الدموي المرعب في خاتمة المطاف.. أزمة البطون هذه لها أكثر من وجه وصورة فالعالم كله يجمع على حقيقة أن الجوع أصبح المشكلة الأولى التي تواجه سكان الأرض وأن هذه المشكلة تزداد تعقيداً كل يوم نظراً لمشكلات اقتصادية تواجه الكثير من البلدان وهذه المشكلات بعضها حقيقية والبعض الآخر مفتعل أو بسبب أخطاء عمقت الأزمة أكثر وعقدت الحلول المتاحة وتأتي الصراعات السياسية في مقدمة الأخطاء وفي نفس الوقت فإن الصراعات السياسية في غالب الحالات هي نتاج أزمة بطون لكن بصورة مختلفة عن الأزمة الحقيقيةالمتمثلة بالجوع الذي يتهدد بطون مئات الملايين من سكان الأرض نتيجة لعدم وجود الغذاء الكافي لهؤلاء وهي أزمة يمكن تسميتها في حالتها الثانية أزمة مصالح وأزمة المصالح أخطر من سواها لأنها تقود الجميع نحو الصراع والحرب من أجل مصالح شخصية «بطون» وبذلك تعمق مشكلة الجوع الحقيقية لأن الحرب والاقتتال يكون على حساب التنمية وعلى حساب ثمن الغذاء والماء والدواء ولذلك فإن أكثر المناطق جوعاً في العالم هي مناطق الصراع والحرب التي يصبح السلاح فيها متاحاً أكثر من لقمة العيش ويصبح الاهتمام كله بالنصر والهزيمة ويُترك الناس يواجهون الجوع بمفردهم ويفكرون بالبطون دون سواها وقل أن تجد حلولاً للجوع في حضرة الحرب.. إذاً فالأزمة كلها متعلقة بالبطون سواء كانت هذه البطون جائعة بالفعل أو كانت بطوناً لاتشبع وهي بطون أصحاب المصالح التي تتسع على حساب غيرها وإن حلت الكارثة تبقى مفتوحة للمزيد من المصالح.. كل الحروب التي شهدها العالم وشهدتها الدول كانت البطون فيها هي بوابات الصراعات والحروب أولاً وإن جرت تسميتها بمسميات مختلفة فإن السبب الحقيقي هو السيطرة والهيمنة وتحقيق المصالح أو ضمان بقائها بعيدة عن التهديدات. استعمار الدول والاقطار صورة من صور أزمات المصالح، واحتلال العراق صورة أخرى يقف اصحابها على بحيرة نفط يريدون ضمان نصيبهم فيها وهو نصيب فرضوه بالاحتلال والقوة وبإشاعة الصراعات المذهبية والطائفية وصولاً إلى الاتفاقية الأمنية.. وما يحدث في الصومال بدأ بصراعات مصالح وانتهى بأزمة بطون جائعة يمكن للإنسان أن يقتل غيره أو يركب البحر هرباً منها فيموت غرقاً أو يتشرد في المنافي أو حتى يتحول إلى قرصان إن لم تكن أزمة القرصنة في البحر هي مقدمة لتدخل أصحاب المصالح لخلق واقع جديد في المنطقة من أجل هدف يصب في بطون المصالح. إن أخطر مافي أزمة البطون بصورها المختلفة أن يجتمع الجوع الحقيقي وجوع الجشع والطمع فتتفاقم المشكلة في شقها الأول ويحل الخراب والدمار الذي يحتاج لوقت طويل للخروج من دائرته المرعبة والكارثية. العالم اليوم أكثر عرضة للأزمات من هذا النوع في ظل ما يحكى عن أزمة مالية وركود اقتصادي وتراجع لأسعار النفط بشكل لا يتوافق مع أسعار الغذاء في العالم الأمر الذي يتهدد الكثيرين بالفقر والجوع وبالتالي بإمكانية حدوث الصراعات والحروب كنتيجة لابد منها إن ظل الوضع على ماهو عليه من تراجع في اقتصاديات أكثر الدول التي وجدت نفسها في طريق الأزمة دون أن يكون لها الخيرة من أمرها وهذا الحال يهدد أكثر المجتمعات التي تعيش على المعونات والمساعدات الإنسانية والدولية ولا مقومات لديها لمواجهة انقطاع هذه المساعدات نتيجة الأزمة الراهنة.