ما يجري في جغرافيا العرب الرسمية وأروقة تداولاتهم البيزنطية الفارغة ينطبق عليه قول القائل : من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام والحق أن النظام الرسمي العربي مازال يتأبّى على استخدام أبسط وسائل الضغط الدبلوماسي والتلويح بورقة مصالح الغير من المتحالفين الأشاوس مع الكيان الصهيوني ومذابحه المعلنة رغم أنف العالمين، والشاهد أن عرب التضاريس الرسمية تداعوا قبل القمة الافتراضية وقرروا أن الرهان يكون على مجلس الأمن مع علمهم المسبق بأن لا مجلس لأمن العالم يمكنه اتخاذ قرار دون موافقة مسبقة للولايات المتحدة، وهذا ما كان، فالمجلس لم يرفض مشروع القرار العربي فحسب، بل رفض حتى إصدار بيان إعلامي يستر عورة القابعين على باب تسول الشرعية الدولية المزعومة، ثم تتالت بعد ذلك جهود أشاوس الإدانات العربية فبعثوا بوزراء خارجيتهم إلى الأممالمتحدة بحثاً عن وسيلة ما لإقناع الكبار بإنجاز قرار لوقف إطلاق النار، وليتهم حددوا موعداً زمنياً للقرار، فالمعلن عربياً وعلى لسان أمين عام جامعة «الشنشنة» أنهم سيقبعون في نيويورك حتى يقنعوا العالم بالقرار!! ، والعجيب أن هذه الإقامة المفتوحة تخدم في نهاية المطاف الهدف المركزي للعدوان الإسرائيلي، فإسرائيل بحاجة إلى الوقت الكافي الذي يمنحه العرب طواعية حتى يتسنى لها أن تنجز ما خططت له . إنها لمحنة ومأساة أن يتخلّى النظام العربي الرسمي عن كل أسباب الفعل الذي يقتضيه الواجب وحتى الدفاع عن الذات، فلا قطع للعلاقات مع إسرائيل، ولا مراجعة لأجندة المصالح الأمريكية في المنطقة، ولا يُصار إلى إشراك الفعاليات الأهلية والشعبية في تشاور يفضي إلى قناعات مشتركة تردم الهوة السحيقة بين النظام العربي وجماهيره . هذا التعميم لا يستثني أحداً ولا دولة، فالكل في أمر التخاذل سواء،فالمعابر المغلقة في ظل القصف الإسرائيلي العشوائي الشامل يعني ببساطة التخلّي عن أبسط واجب إنساني تجاه عامة الناس ممن لا ناقة لهم ولا جمل في الحرب وأحوالها، والمعروف في الأعراف والتقاليد الإنسانية أن الشعوب التي تتعرض لحروب مدمرة تنزاح تلقائياً إلى ملاذ آمن ريثما تعود الأمور إلى أوضاعها، وهذا أمر يفرضه الواجب والقانون الإنساني قبل الجوار . حرب غزة العدوانية كشفت عورة العرايا، وأزالت أوراق السلوفان عن جسد النظام العربي الواهن حد الهوان الذي أصبح كجرح في ميت.