ينتظم المُلتقى السابع للشعر العربي في بيت الشعر بالشارقة ليعيد إنتاج المعاني الشاملة الموصولة بزمن الإبداع الشعري العربي الذي يضرب جذوره في عمق الثقافة التاريخية العربية، وليفتح أبواباً جديدة للبيان والبديع .. للنقد والرؤى الجمالية .. لجدل الفكر الخلاق . بيت الشعر الذي يستطرد على ملحمة العطاء والنماء الثقافي يتأسّى دوماً بذاكرة التاريخ العربي الموصول بأسواق العرب .. تلك التي لم تكن مثابة للتجارة فقط، بل للتواشج الثقافي الشامل، وصولاً إلى مباراة الإبداع اللامتناهية . يذكرني مُلتقى الشعر العربي الراهن بما كان من أمر مهرجان الشعر العربي في لبنان قبل شهرين، والذي ألمح لبيروت السبعينيات وأعاد تفعيل بيئة الإبداع التي تتسع للرؤى والمقاربات وأنساق البيان والبديع . المُلتقى السابع للشعر العربي بالشارقة مشمول بذات الرؤى النقدية التي تُقيم في مدى الشعر بمحمولاته الجمالية والدلالية مما تتسع له الآفاق وتتفاوت المقاربات دونما إلغاء لماهية الشعر وخصوصياته ومعناه . خلال أيام المُلتقى سيُعانق الحضور تجارب شعرية عربية تمتد من الماء إلى الماء وحتى عمق الذاكرة الشعرية بمعناها الواسع، كما سيتحلق الحضور حول الجلسات النقدية المُكاشفة لسؤال الإبداع في أزمنة المتغيرات والتحولات التي كانت ومازالت تطال الشعر العربي مُؤكدةً دائرية الإبداع ونمائه في آن واحد . وبهذه المناسبة يمكن الإشارة إلى لطيفة من لطائف الإبداع والوجود معاً، فالدائرية سمة كونية مبدأها ما يتجاوز المجرات إلى عوالم الغيوب الغائبة، ويصل إلى الذرات المتصاغرة إلى مالا نهاية له، والشاهد أن بناء الذرة من البروتون والإلكترون السابح في مجرة النواة يتصل بالبوزيترون والميزوترون القابعين في قلب النواة، لكن ما بعد البوزيترون والميزوترون يستعصي على أكبر مجهر بالعالم، كما تستعصي عوالم ما بعد المجرات على أكبر المراصد المعروفة. كل هذه الدائرية المطلقة تحيلنا إلى الناظم الأكبر للحياة بتجلياتها الفيزيائية والروحية. الشعر العربي لايحمل تميمة الدائرة فقط، بل المثال الأقصى للإبحار اللامحدود في عوالم اللغة .. تلك العوالم التي تقبع في خوارزميات الوجود والكون، وتنزاح بمشمولاتها الصوتية والتعبيرية والتشكيلية لتضعنا أمام لغة خالقة ومخلوقة في آن واحد. بيوت الشعر العربي تتعاطى هذا الحرز الحريز، ومنه تشع المعاني التي أوجز كُنهها الدكتور عبدالعزيز المقالح في مدارات رؤيته الثقافية وهو يتسامى بالدلالة صوب فضاء يستعصي على التشخيص والتشبيه والتمثيل .