قد تتباين منطلقات التغيير لدى القوى الوطنية اليمنية، غير أنها عندما تتجاوز الرهان على تغيير الإرادة السياسية لصانع القرار لن تكون إلا ضرباً من المزايدات الخائبة.. فالتغيير يقتضي أولاً إرادة، وثانياً اعترافاً بالمشكلة، وثالثاً قدرة على الانجاز ، لذلك مازلنا نتعثر في استثمار الإرادة الرئاسية العليا للتصحيح والتغيير والتحديث لأننا نفتقر قدرة الانجاز، والترجمة الصادقة للأقوال إلى أفعال. يبدو أن ثمة استيعاباً للاشكاليات القائمة قد توافر لدى قيادة محافظة تعز، فالاجتماع الموسع الذي عقده المحافظ حمود الصوفي الثلاثاء الماضي وضع النقاط على الحروف، ولم يكن المحافظ وحده الجريء في المكاشفة، والاعتراف بالاختلالات القائمة، بل إن مدير الأمن والآخرين تحدثوا بذات الجرأة وبدوا في نظري أقرب ما يكونون إلى خلية عازمة على تنفيذ عملية فدائية في تعز. لقد كانت شجاعة كبيرة من الأخ المحافظ أن يعقد العزم على تفجير ثورة تصحيح وتغيير في محافظته، وأن يعقد الاجتماع المذكور بشفافية غير مسبوقة، وكان تألقاً منه دعوة المسئولين في المحافظة إلى الكف عن التغني بالانجازات، وترك المواطن يتحدث، ويقيم الأداء الحكومي بنفسه.. فتلك ثقة يستحقها أبناء تعز، وتتوافق مع أدوارهم التاريخية، وحجم عطائهم الغزير للوطن غير أنني أخشى أن يتحول قراره بتخصيص يوم أسبوعياً للمكاشفة بين المواطنين والمسئولين إلى مغامرة إذا ما أساءت القوى السياسية بتعز استغلالها، وحولتها إلى طاولة تصفية حسابات حزبية. وفي الحقيقة ما كان هذا القلق ليساورني لولا أن صديقاً في المعارضة همس في أذني وأنا في غمرة نشوتي في الحديث عن جلسة الثلاثاء، بأن عليّ نسيان كل ما سمعته لأنه مجرد دعاية انتخابية.. فتساءلت مع نفسي : ياترى لماذا تفكر المعارضة بسوء نية في كل ما يصرح به المسئولون وتطالب الشعب أن يفكر بحسن نية في كل ما تقوله أحزابها ؟ أعتقد أن هذا الموقف يترجم أعظم معوقات انتعاش الحياة اليمنية، فثقافة سوء الظن لدى كثيرين في صفوف المعارضة أفقدت المسئولين المخلصين القوة في مواجهة التحديات، واضطرتهم في النهاية إلى الاستسلام للأمر الواقع والتعاطي مع القضايا الوطنية بنفس النَفَس القديم لمن سبقهم، فمن المستحيل لأي مسئول شريف أن يكسب معركة على جبهتين المعارضة من جهة وقوى الفساد من جهة أخرى. ومن هنا أجد أن أحزاب المعارضة في تعز هي من تتحمل مسئولية نتائج المواجهة التي قرر الأخ محافظ تعز وبقية المسئولين خوضها طالما وأن قوى الفساد أصبحت خصماً مشتركاً للطرفين.. ومع ثقتي بأن المعارضة تمتلك القدرة على إعاقة أي مشروع اصلاحي وبوسائل مختلفة، فإنها أيضاً تمتلك القدرة على الدعم والمناصرة، ومشاطرة الحزب الحاكم فضل أي نجاح وانجاز يتحقق. حتماً ان الكرة أصبحت في ملعب أبناء تعز سلطة ومعارضة والأيام كفيلة بفرز القوى وتسمية من كان مع التغيير الايجابي، ومع كان ضده.