منذ أن بدأت الحملة الانتخابية الأمريكية لانتخاب رئيس للولايات المتحدة حتى فوز أوباما المرشح الديمقراطي والعرب متفائلون بصورة كبيرة بالرئيس الجديد، وكان لهذا التفاؤل أسبابه. من هذه الأسباب المشاكل التي صنعها وخلفها الرئيس الأمريكي السابق ليس للعرب وحدهم؛ بل للعالم كله. إلا أن العرب قد حظوا بنصيب الأسد من الابتزاز والمشاكل والغطرسة من ذلك الرئيس الذي غادر البيت الأبيض غير مأسوف عليه؛ فهو قد أدخل منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية في أزمات وحروب خسر فيها العرب الكثير من البشر والمال. فلقد هاجم العراق واحتلها ومازال الاحتلال قائماً حتى اليوم تحت أعذار ومبررات واهية بعيدة كل البعد عن الحقيقة وهي امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، وهذا ما فضحته اللجان المتعاقبة التي وصلت إلى العراق للبحث عن ادعاءات بوش وهو ما جعله يعترف مع نهاية ولايته بأن غزو العراق كان بناءً على معلومات خاطئة من الاستخبارات الأمريكية!!. إلا أن الحقيقة كانت تتمثل في رغبة بوش حينها بالقضاء على القوة العسكرية العراقية التي كانت تضع لها اسرائيل ألف حساب، فأراد بوش أن يترجم هموم ومخاوف اسرائيل بالفعل والقضاء على هذه القوة؛ متذرعاً بوجود أسلحة الدمار الشامل غير الموجودة أصلاً وبإدراك ومعرفة الإدارة الأمريكية لذلك. والسؤال المطروح الذي يبحث عن إجابة الآن هو: طالما أن الرئيس الأمريكي السابق قد اعترف بخطأ فعلته بتدمير مقدرات العراق بجيشه واقتصاده وبنيته التحتية.. ماهو المطلوب من الولاياتالمتحدة الآن، هل يكفي الاعتراف بالخطأ فقط، أم أن المسئولية الأخلاقية والقانونية تفرض على الولاياتالمتحدة أن تعمل على تعويض العراق بما لحق به من دمار قُدّر بعشرات المليارات من الدولارات؟!.. فهناك قضايا مشابهة في مناطق متفرقة من العالم فُرض على المعتدي تعويض المُعتدى عليه، وكانت الولاياتالمتحدة من أوائل الدول التي أيدت ذلك، والآن يقع الدور عليها كمعتدٍ على العراق، عليها أن تقوم بتعويض شعب العراق وأفغانستان وغيرهما من البلدان التي أسهمت أمريكا بتدميرها. وفي آخر هذه السطور ما نريد أن نصل إليه هو أن على العرب ألا يُفرطوا في تفاؤلهم بالإدارة الجديدة من أنها ستغير من سياساتها إزاء العرب بصورة إيجابية إلا في حالة واحدة فقط وهي وحدة الموقف العربي من خلال اتخاذ الاجراءات الهادفة التي تجبر هذه الإدارة على احترام الحقوق العربية المهددة في ظل التفكك والتمزق العربي. أما أن يأتي الآخرون ليحترموننا بينما نحن لم نحترم أنفسنا، فهذا هو الخلل، والموقف القوي البعيد من الخوف هو الذي يفرض الاحترام ويتجاوب مع المطالب، ولنا في تركيا وبعض بلدان أمريكا الجنوبية قدوة في المواقف القوية والتي لا تضع حساباً إلا للمصالح الوطنية لبلدانها. فمواقف تركيا القوية في التعامل مع القضايا الاقليمية والدولية جعلها تحظى باحترام وتقدير الآخرين ويضعون لها ألف حساب.