لايخلو أي بلد من بلدان العالم من وجود مشكلات واختلالات، ولايوجد على امتداد اليابسة مجتمع مثالي، وما من شك أننا في اليمن لنا مشكلاتنا العديدة والمتشعبة والجميع يقر بوجود اختلالات وسلوكيات وممارسات خاطئة تحدث هنا وهناك بقصد أو بغير قصد وهي محل رفض جماعي ولا أحد يقرها ويتصدر الفساد المالي والإداري قائمة المشكلات والاختلالات التي نشكو منها، ومع ذلك فلا يمكن بأي حال من الأحوال وتحت أي ظرف من الظروف اللجوء إلى وسائل وأساليب غير مشروعة للتعبير عن الرفض لتلك الاختلالات والممارسات وإنما يتم ذلك بالطرق السليمة دون إلحاق الضرر بأمن واستقرار الوطن والسلم الاجتماعي أو الخروج عن الثوابت الوطنية، وعندما يتعلق الأمر بالقضايا التي تهم الوطن والمواطن يصبح الحوار ضرورة وطنية لابد منه للاتفاق بين كافة القوى الوطنية والاجتماعية على وضع الحلول والمعالجات الناجعة من منطلق الحرص الكامل على المصالح الوطنية العليا للوطن والشعب . فالحوار هو الوسيلة المثلى للاتفاق على كافة القضايا الخلافية وعلى كافة الأحزاب والتنظيمات السياسية وكل الفعاليات الوطنية اللجوء إليه ووضع كافة القضايا والمشكلات على طاولة الحوار تحت مظلة الوحدة والديمقراطية دون مزايدات أو تسجيل مواقف أو اشتراطات مسبقة. لقد عانى وطننا اليمني قبل إعادة وحدته وقيام الجمهورية اليمنية في ال22 من مايو 90م الكثير من الويلات والمآسي والمعاناة والآلام جراء الخلافات السياسية والصراعات والانقلابات الدموية بسبب غياب الحوار وتسيد العقلية الشمولية وعدم الاعتراف بحق الآخر في التعبير عن آرائه وأفكاره وبسبب احتكار السلطة وادعاء كل طرف امتلاكه للحقيقة دون غيره فكان اللجوء للسلاح والاحتكام للغة القوة هما الوسيلتان اللتان يتم بهما حسم الخلافات، وعندما تولى الأخ الرئيس علي عبدالله صالح في يوليو 78م مسيرة الوطن الذي كان حينها في حافة الهاوية فانتهج مبدأ الحوار الوطني الجاد مع كافة القوى الوطنية والاجتماعية ،حيث شكل لجنة للحوار الوطني ضمت ممثلين عن كافة شرائح المجتمع من قوى سياسية وشخصيات اجتماعية وعلماء ومفكرين ومثقفين الذين أمضوا ما يقارب العامين في حوارات جادة ومسؤولة أفضت إلى إيجاد مشروع الميثاق الوطني الذي تم الاستفتاء عليه من قبل المواطنين في مؤتمرات شعبية مصغرة عقدت في كل القرى والمناطق والعزل والمديريات والمدن ليتم على ضوء الآراء والملاحظات التي أبداها المواطنون في استمارات الاستبيان إقرار الميثاق بصورته النهائية في اغسطس 28م من قبل المؤتمر الشعبي العام الأول الذي ضم ممثلين عن كافة فئات الشعب ،حيث تكون من ألف عضو تم انتخاب سبعمائة عضو منهم انتخاباً ديمقراطياً حراً ومباشراً من قبل المواطنين والثلاثمائة الآخرين تم تعيينهم من قبل القيادة السياسية وفي الوقت الذي كان الحوار يتم في الجزء الشمالي من الوطن عمل فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح على مد جسور الحوار مع القيادة في الجزء الجنوبي ،حيث قاد حوارات مضنية مع تلك القيادات والتي أفضت إلى تحقيق الحلم الكبير والإنجاز العظيم لشعبنا ووطننا اليمني والمتمثل بإعادة الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية في ال22 من مايو 90م ومن هذا المنطلق جاءت دعوة الأخ الرئيس الثلاثاء الماضي لمختلف القوى السياسية ومن لديهم مطالب «كما يدعون» للحوار الوطني للوقوف على كافة القضايا والاتفاق على الحلول والمعالجات اللازمة لها وعلى الجميع أن يدركوا أن المرحلة الراهنة والمستقبلية تتطلب تضافر جهود كل القوى والفعاليات السياسية والاجتماعية والترفع.. عن الصغائر والمماحكات الحزبية والمناكفات السياسية فالوطن ملك كل أبناء الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه.