تتواصل أعمال المؤتمرات الفرعية الموسعة للسلطة المحلية في عموم محافظات الجمهورية والتي يناقش خلالها المؤتمرون عدداً من التقارير وأوراق العمل أهمها الاستراتيجية الوطنية للحكم المحلي. ومن خلال المداولات التي شهدتها قاعات المؤتمرات وسير أعمال المجالس المحلية خلال السنوات الماضية ظهرت العديد من الاشكالات القانونية التي يتنازعها قانون السلطة المحلية مع العديد من القوانين النافذة الأخرى وهو مايستدعي اجراء التعديلات القانونية لهذه القوانين حتى تتلاءم مع نصوص قانون السلطة المحلية. المشكلة الأخرى تتمثل بتنازع الصلاحيات بين المركز والمجالس المحلية وبين المجالس المحلية بالمديريات ومجالس المحافظات من ناحية أخرى وعدم تنازل المسئولين عن الصلاحيات التي منحها القانون للمجالس المحلية لأنهم يرون في ذلك انتقاصاً من مسئولياتهم وتقليلاً من دورهم في تنفيذ الخطط والبرامج التي يتم إعدادها تحت إشرافهم. في خطابه في محافظة إب أكد الأخ رئيس الجمهورية أنه في ضوء الانتقال إلى الحكم المحلي ستتحول كل الصلاحيات إلى السلطة المحلية بما فيها الشرطة المحلية وكل الأجهزة الإدارية.. وأن صلاحيات السلطة المركزية ستقتصر على البرمجة والتخطيط والاشراف وهو مايستدعي من المسئولين في المركز سواء في العاصمة أو في عواصم المحافظات قراءة التوجه الذي سينتهي إلى تجسيد الحكم المحلي الذي سيعيد تشكيل منظومة الحكم وتوزيع السلطات وتحميل المواطن مسئولية اختيار المسئولين التنفيذيين في مديرياتهم ومحافظاتهم. التحديات المتمثلة بالتنمية وشحة الموارد وتطوير البنية التحتية والخدمية ومشاكل التعليم التي ساهمت في تسرب الطلاب من التعليم وتدني مستويات مخرجاتها وزيادة نسبة البطالة يمكن مواجهتها ووضع الحلول الملائمة لها إذا أجادت الهيئات الإدارية للمجالس المحلية إدارة هذه المشاكل وتوظيف كل الإمكانات المتاحة في معالجة تلك الأوضاع والحد من تمادي الفاسدين في استنزاف تلك الموارد. السنوات السابقة من تجربة المجالس المحلية كشفت عن تسلط المجالس المحلية بالمحافظات وعدم تجاوبها مع الخطوات التي تتخذها مجالس المديريات في مكافحة الفساد وإقصاء الفاسدين الذين يثبت عدم أهليتهم لتحمل المسئولية عن طريق سحب الثقة عنهم بموجب الصلاحيات التي خولها لهم قانون السلطة المحلية الصادر عام 2000م. منطق مجالس المحافظات في إعاقة مثل تلك الإجراءات أن فتح هذا الباب سيتحول إلى فوضى وسيكون ذلك باباً لتصفية الحسابات داخل المديريات وهو مايعيق أعمال المجالس المحلية ويعطل التنمية. وبين الطرفين تقف مسألة غاية في الأهمية وهي تفعيل الرقابة على أداء المجالس المحلية.. فالرقابة والمساءلة تهدف إلى حماية وحدات الحكم المحلي ذاتها من الوقوع في أخطاء قد تحرفها عن المهمة الأساسية التي أنشئت من أجلها كما أنها ضمانة فعالة لمنع أجهزة الحكم المحلي «الهيئة الإدارية المكاتب التنفيذية» من الإضرار بمصالح أو حقوق المواطنين بسبب الاهمال أو الفساد من قبل القائمين على تلك الأجهزة.. كما أن الرقابة والمحاسبة الدائمة لأعمال وأنشطة المجالس المحلية تعد وسيلة فاعلة لاكتشاف نقاط الضعف والخلل في الأنظمة والقوانين المعمول بها ومعالجتها أولاً فأولاً بما يؤدي إلى تطوير الحكم المحلي وتحقيق أهدافه في خدمة التنمية. التجارب السابقة للمجالس المحلية كشفت أيضاً عن اختلالات وتجاوزات للقوانين واللوائح في المناقصات والمزايدات مما أخل بجودة المشاريع التي تشرف عليها المجالس المحلية بالإضافة إلى عدم توفر الكوادر المؤهلة التي تشرف على تنفيذ تلك المشاريع وهو ما يستدعي تفعيل أدوات الرقابة ومنحها مجالاً أكبر في متابعة التفاصيل حتى نضمن أداء أفضل لهذه المجالس. تجربة المجالس المحلية مثيرة للجدل بين التيار المتمسك بالمركزية وتيار آخر يسعى لحكم محلي لتحقيق أهداف التنمية وتصحيح الأوضاع وبين الطرفين يقف طابور من المتربصين الباحثين عن تحقيق مكاسبهم الذاتية على حساب الوطن.. فهل تنتصر هذه التجربة؟ الأيام كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال؟