سبق أن أشرنا إلى أن عدداً غير قليل من طلاب المدارس يتسربون إلى الشوارع إما بسبب رداءة الأسرة من حيث قصورها في متابعة الأولاد وتوجيههم التوجيه الصحيح أو بسبب رداءة المدرسة من حيث فقد الانضباط أو فقد وسائل التعليم أو الترويح عن الطلبة في مدارسهم، أو بسبب رداءة المعلم غير الكفؤ وغير القادر على مواجهة أعباء مسئولية التدريس. فهناك الكثير من المعلمين غير أكفاء وغير صالحين لأن يكونوا معلمين وهناك البعض من المعلمين يعانون من حالات نفسية أو عصبية أو هما معاً.. فكيف يستطيع من يحتاج هو نفسه إلى من يساعده في التعرف على ذاته وقدراته وامكاناته أن يقدم المعرفة للأطفال أو للشباب في المراحل الأولى أو المتأخرة من الدراسة.؟ من المؤسف جداً أن تتحول رسالة المعلم إلى مجرد وظيفة تساعده في الحصول على راتب شهري.. من المؤسف جداً أن نجد المعلم الذي يوكل إليه أمر تربية النشء هو نفسه يحتاج إلى من يربيه ويوجهه التوجيه الصحيح. من المؤسف جداً أن نعلم أن الكثيرين من المعلمين في مختلف المراحل يشكل وجودهم معضلة تربوية أو علمية أو سلوكية وأخلاقية في كثير من الأحيان. هذا معلم في المدرسة الفلانية كان معروفاً لدى أهل حارته أنه بلطجي الحارة فكيف صار معلماً؟ ليس في الأمر سر، لقد كان يبحث عن وظيفة فوجد من يتوسط له أن تكون هذه الوظيفة أن يكون معلماً!! هل يوجد من يحسب مقدار الخسارة التي تُمنى بها المدارس التي لاتجد سوى أمثال هؤلاء المعلمين؟! أما إذا صعد أمثال هؤلاء ليكون وكيل مدرسة أو ناظرها لأن وساطته كانت قوية فإن الكارثة التي تحل بالوطن ليست سهلة أو هينة، بل هي كارثة مدمرة وصاعقة.. يتسرب الكثيرون من طلبة المدارس بسبب هذه الأوضاع وغيرها إلى الشوارع والأسواق فيخالطون العاطلين والسفهاء ويملأون صالات الألعاب الاليكترونية سيئة السمعة والشبكات العنكبوتية الموبوءة وينشغلون في مقارفة برامج سخيفة وتافهة تضيف إلى عقولهم وهناً على وهن وسخفاً على سخف وتزيّن لهم الانجراف في مهاوي الرذيلة وقبح الفعال، يسيرون في طريق الضلال لأنهم وجدوا من يضلّهم فلا يلبثوا أن يصيروا هم أنفسهم مضلين فإذا تنبه الأهل يكون الأوان قد فات ويكون النشء الذي كان بريئاً وساذجاً وجميلاً في أخلاقه وسلوكياته قد تعرض لتشوّه خطير في أخلاقه وسلوكياته وتفكيره وثقافته.. فماذا ينتظر الأهل وماذا ينتظر المجتمع من جيل تعرّض للتشوّه في مرحلة من مراحل عمره؟ يتقدم البعض من هؤلاء للامتحانات فإذا بهم ينتقلون من مرحلة إلى مرحلة ليس عن علم ولا عن كفاءة وإنما لأن الضرورة تقتضي أن ينتقل الطالب إلى مرحلة عليا ليخلي مكانه لمن سيأتي من مرحلة سفلى..ولو أننا أفسحنا المجال للعقل أو للمنطق مرة واحدة فقط ، لوجدنا أن الكثيرين من الطلبة الذين يُرفعون إلى فصول عليا هم في حقيقة الأمر جديرون بأن يُخفضوا إلى صفوف دنيا تليق بمستواهم العلمي. ثم يأتي الحديث عن المخيمات الصيفية..فمن أجل ماذا تقام هذه المخيمات..هل تقام لإعادة تأهيل وإعداد المعلم أم الطالب؟ ألا يظن أحد مثلما أظن أن هناك معلمين لايحصيهم عدد يحتاجون من يؤهلهم علمياً وسلوكياً؟ لماذا لاتقام مخيمات في الصيف لإعادة تأهيل المعلم في كل الأمور التي يعانيها؟ وليس بالضرورة أن تكون المخيمات لتأهيل المعلمين على حساب المخيمات الصيفية للطلبة بل تمضي المخيمات لتحقيق أهدافها في كلتا الحالتين مخيمات لتأهيل المعلم وإعداده ومخيمات للطلبة؟! الشيء الذي لايمكن قبوله ولا احترامه هو أن نجد في صفوف أهل التربية أو التعليم من ينتظر بفارغ الصبر أن يأتي الصيف لكي يستفيد هو شخصياً من الاعتمادات المخصصة للمخيمات فيجد نفسه أحق من أي مخيم في الاستيلاء على الاعتمادات لصالحه أو لصالح أناس من أسرته وأقاربه، نريد اعتمادات للمخيمات تصرف لإقامة المخيمات وياحبذا لو كان القائمون على شئون المخيمات، من المتطوعين لايتقاضون مقابل الجهد الذي يبذلونه من أجل تحقيق أهداف التربية.