خلال أربعة أيام قضيناها في صنعاء عانينا الأمرين من الاكتظاظ المروري، إلى حد لم نعد نحبذ الخروج، والتجوال.. لأن الازدحام المروري لايحتمل لما يولده من ضجر واكتئاب وعبوس ناهيك عما يسرق من الوقت دون قضاء حاجتك. الازدحام، الاكتظاظ، الاختناق المروري ناتج عن إغلاق العديد من الشوارع الفرعية، والرئيسية نتيجة للكثير من الأعمال القائمة في الشوارع والخاصة بإنشاء انفاق، وإقامة جسور للتخفيف من الزحام، وامتصاص الاكتظاظ المروري وتسهيل انسياب حركة المرور بيسر، ودون عوائق.. أي أن المشكلة لاتكمن في تقصير المرور، والجهات الإنشائية ليس عندها مخالفة لأنها تريد أن تنجز أعمالها من الجسور والانفاق. إذن.. أين المشكلة؟! المشكلة في عدم التنسيق، وتحديد الأولوية للمناطق التي تحتاج إلى انفاق، وجسور.. طبعاً التنسيق مع جهاز المرور فهذا الجهاز خبير بأي المناطق أحوج إلى نفق، أو جسر، أو الاثنين معاً.. والتركيز على مناطق متباعدة للعمل حتى يتوزع الازدحام على مساحة واسعة فيتخفف على الناس جميعاً. على سبيل المثال: شارع الستين طويل وعريض، وواسع ومتعدد الخطوط، والحركة فيه سهلة ويسيرة، ولا توجد فيها مصاعب أو اختناقات، بل إنه متنفس مروري.. وقد وجدناه هذه المرة خلال زيارتنا للعاصمة قد تم شق العديد من الانفاق القصيرة، والمتوسطة، وهي انفاق جميلة ورائعة ولا اعتراض عليها.. لكن الذي يلفت النظر إليه.. هو أن هذا الشارع بسعته وامتداده لم يكن قد وصل الزحام فيه إلى حد الاحتياج إلى انفاق كون انسياب الحركة المرورية فيه سهلة ويسيرة.. بينما هناك جولات وتقاطعات حاجتها إلى الانفاق والجسور أولوية أكثر من شارع الستين الذي كان بوسعه استيعاب كثافة ونمو الحركة المرورية لسنوات قادمة.. فالأنفاق والجسور ليست بذخا أو ترفا، وإنما لحل مشاكل مرورية كامتصاص الزحام والاكتظاظ. وأعتقد أن الخبرات المرورية توافقني أن الحاجة للانفاق والجسور تكون أولويات في الجولات، وعند المخارج من الشوارع الرئيسية إلى الشوارع الفرعية، وعند التقاطعات التي تقع في مناطق تؤمها الحركة المرورية بكثافة على أن يجدول العمل على مساحات متباعدة، وتتابع زمني.. حتى تكون الاغلاقات على مسافات متباعدة، وفترات متباعدة، ويتوزع الزحام المروري ويتخفف أثره على الناس، وأعمالهم وسرقة أوقاتهم. إذاً البنية التحتية وتطويرها مرورياً ليست هماً للجهات الإنشائية وحدها، وإنما هي مسألة تعني المرور بشكل كبير جداً يستوجب استشارتهم والتنسيق معهم.