ما إن يدنو منا شهر رمضان الكريم إلا ونجد إخواننا التجار من الكبار والصغار وغيرهم من الباعة لمختلف المواد سواءً كانت غذائية أو ملابس أو كماليات يشهرون سيف الغلاء في وجه المواطن البسيط الذي لا حول له ولا قوة. ظناً منهم أن هذا الشهر العظيم بعباداته وفضائله التي تميزه عن غيره من شهور السنة إنما هو موسم وفرصة ذهبية للإثراء واستغلال الناس خصوصاً أنهم يدركون تمام الإدراك أن المستهلكين خلال هذا الشهر الكريم يتضاعف استهلاكهم مرات ومرات ، ولهذا فإن الناس مضطرون للتسليم بواقع الأسعار المبالغ فيها.. إلا يدرك ويعي إخواننا التجار والباعة بمختلف أصنافهم أن استغلال حاجة الناس في هذا الشهر يتعارض تماماً مع أهدافه وفضائله ، لأنه شهر توبة ومحبة وطلب للمغفرة وهو الفرصة الذهبية التي يجب استغلالها في التطهير من كل الذنوب و الأدران التي علقت خلال أحد عشر شهراً مضت في السنة. فما لمسناه وعايشناه خلال الأيام القليلة الماضية أن ارتفعت أسعار الكثير من السلع الغذائية منها مادة السكر مثلاً ولا ندري ما المبرر لذلك مع علمنا أن صرف عملتنا الوطنية أمام العملات الأخرى مازال مستقراً حتى اللحظة وهذا ما يؤكده البنك المركزي من خلال نشراته التي يصدرها بصورة يومية، أما اسطوانة الغاز فقد أصبحت مع قدوم هذا الشهر الكريم وكما هو معهود كل عام في خبر كان ، فقد وصل سعر الاسطوانة في مدينة تعز إلى أكثر من ألف ريال بعد أن نشطت السوق السوداء في هذه المادة وأصبحت تباع في أماكن غير أماكنها بغرض المبالغة في أسعارها وهناك الكثير من الشوائب تقف أمام هذا الشهر الفضيل من خلال فريق من أبناء جلدتنا متلذذين بتكدير حياتنا. وفي هذا الشأن لا يجب أن نحمل البائع كل المسئولية فالجهات المسئولة تتحمل جزءاً كبيراً من ذلك لأنها المسئولة عن حماية الناس ومسئولة عن توفير المواد الأساسية ومنها مادة الغاز وبصورة كافية خلال هذا الشهر العظيم، كما أن عليها أن تتحمل المسئولية الرقابية في الأسواق بصورة أمينة وعادلة ، لأن بعض من يناط بهم مسئولية الرقابة في الأسواق يتخذون ذلك فرصة لابتزاز الناس بالباطل .. وهنا تكون المشكلة قد تعقدت أكثر ولابد من اختيار الأكفاء وممن يُشهد لهم بالنزاهة في ذلك ، وللأسف فبدلاً من أن نكون نحن المسلمين قدوة للآخرين في حسن التعامل والتراحم فيما بيننا وهو ماعلمنا به ديننا الإسلامي الحنيف علينا أن نتعلم نحن منهم وفي مختلف مناسباتهم الدينية وخصوصاً في عيد الميلاد تعمل المؤسسات والشركات والتجار والأفراد على تخفيض أسعار منتجاتهم إلى «50 % » مساهمة منها في رسم الفرحة على وجوه الناس ، وأمام هذا نحن المسلمين أحوج إلى مثل هذا التعاون والتسامح فيما بيننا لا أن نجعل من المناسبات الدينية عبئاً ثقيلاً علينا، لأن الغالبية من أبناء شعبنا مطحونون بغول الفقر والعوز والحاجة وأصبح الكثير منهم لا يستطيع توفير متطلباته الضرورية التي تسد رمقه.. لهذا نقول رفقاً بهؤلاء الذين لا يرون موائد رمضان إلا من خلال شاشة التلفزيون.