عند قيام الثورة الإيرانية في العام 1979م وضعت في مقدمة أهدافها إيجاد مجتمع إسلامي على أسس شيعية ومد هذا المجتمع ليشمل العالم الإسلامي. ومن أجل ذلك عمدت القيادات السياسية الإيرانية إلى إيكال هذه المهمة للمرجعيات الدينية، فتم استقطاب الطلاب والدارسين الشيعة من مختلف الدول العربية والإسلامية إلى مدينة «قم» الدينية الإيرانية ويتم خلال ذلك إعدادهم فكرياً وعسكرياً وإعادتهم إلى بلادنهم كقيادات دينية وعسكرية يمكنها استقطاب الشباب من أبناء المذاهب الأخرى ودفعهم للتشيّع كخطوة أولى لخلق قاعدة مذهبية وعسكرية تمكنها بعد ذلك من تحقيق أهدافها. المملكة المغربية قبل أشهر قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران ومصادرة الكتب التي تم توزيعها داخل المغرب والتي تشرح الفكر الشيعي وتبين مزاياه، وهي الخطوة التي وضعت حداً لتنفيذ تلك السياسة التي لا تؤمن بالتعدد المذهبي وترى في الآخر باطلاً بل وتحرض الناس ضد مذاهبهم وأنظمتهم السياسية. النظام الإيراني الذي جاء على حساب ثورة قادتها كل المكونات السياسية والاجتماعية والعرقية تخلص تدريجياً من كل مناوئيه وكل من يختلف مع الكهنوتية الدينية التي ينتهجها النظام، وعمد إلى تشكيل النظام السياسي للدولة بمرجعية دينية شيعية، فمنح ولاية الفقيه صلاحيات السيطرة على كل مراكز القرار ووضع القرار النهائي بيده وهو ما أدى إلى تفجر الأحداث الأخيرة التي أعقبت الانتخابات الرئاسية الإيرانية فبدأ النظام يتآكل من الداخل بفعل هذه السياسات. «محمد خاتمي رفسنجاني» رئيسان سابقان لهذا النظام، موسوي، رئيس وزراء سابق، كروبي من القيادات السياسية والدينية، جميعهم من قادة الثورة الإيرانية في 1979م يقودون اليوم الثورة الخضراء ضد نظام ولاية الفقيه. إن محاولات النظام الإيراني تصدير أزماته ومشكلاته إلى الخارج والتآمر على الآخرين بخلفيات مذهبية لن تضع حداً لتفاقم الأزمات داخل النظام الإيراني ولن تلهي الشعب عن مشكلاته الاقتصادية والاجتماعية ولن تمنع الأقليات المذهبية والعرقية من المطالبة بحقوقها السياسية ووضع تشريعات قانونية تحفظ للجميع حقوقها. فدولة مثل إيران تمتلك من المقومات الاقتصادية والطبيعية ما يمكنها أن تحقق قفزات اقتصادية نوعية بدلاً عن إلهاء شعبها بالأسلحة النووية، فدول إسلامية مثل: ماليزيا وإندونيسيا وتركيا ودول غير إسلامية مثل: كوريا الجنوبية والبرازيل وضعت أهدافها وفق أسس اقتصادية وجعلت من العوامل الدينية والسياسية في دوائر أصغر فحققت قفزات اقتصادية واجتماعية هائلة ولم تشغل نفسها بالتآمر على الآخرين رغم أنها لا تمتلك من مقومات النهوض الاقتصادي ما تمتلكه إيران. الحملات الإعلامية التي تشنها وسائل الإعلام الإيرانية ضد اليمن والسعودية محاولات بائسة لدس أنفها فيما لا يعنيها، متناسية أن الأمتين العربية والإسلامية لا زالت ذاكرتهما قوية ولم تنسيا أن إيران تحالفت مع واشنطن «خصمها المزعوم» لإسقاط النظام العراقي وتحويل العراق إلى دولة تتحكم بكل قراراتها المرجعيات الدينية في طهران. الموقف العربي من التدخل الإيراني في القضايا العربية غير واضح ومهزوز وتطغى عليه التناقضات في المصالح بعيداً عن الرؤية الاستراتيجية التي ترى في المصلحة العربية الواحدة أساساً لمواجهة مثل هذا المواقف.