تنفيذ القصاص بالمجرمين واجب شرعاً، وعُرفاً باعتبار القصاص هو الضمان الأول والأخير للأمن والاستقرار، «ولا تأخذكم بهم رأفة أن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر». أن قاطع الطريق الذي يعلن الحرابة على المجتمع لابد أن تطبق في حقه المنصوص عليه شرعاً، وهو إن علم أنه سيلقى جزاءه، فإنه لن يفكر في قطع طريق أو اغتصاب عرض أو مال، ولكنه يعلم أن المسألة لن تكلفه في أسوأ الاحوال أكثر من حبس، يتم الافراج عنه برشوة وبمحسوبية، هكذا يعتقد جازماً وعين اليقين مع أننا نخالفه ذلك، والقاتل سيفكر أكثر من مرة إذا علم أن مصيره القصاص، يشهد عذابه طائفة من المؤمنين، ولن يقدم على فعله، والخارج على الدولة إن رأى حزماً وحسماً لن يجروُ على أن يتمادى في ضلاله وغيّه، ليعلن نفسه بطلاً اسطورياً، قاتلاً المواطنين، معتدياً على أموالهم وحقوقهم إن السجون في كثير من البلدان الإسلامية تعج بالمجرمين، كباراً وصغاراً ولن يكون السجن في رأي الحكماء إلا مرحلة انتقالية إلى الأحسن، إلى حيث يعلم هذا المجرم وذاك بأن الله حق. إن الله العليم الخبير هو أرحم الراحمين وأصدق القائلين، ولذلك فإن القصاص هو بعض معاني هذا اللطف والرحمة، فالله أرحم بالإنسان من الأم بولدها لاينبغي أن تعطى حصانة لأحد، ولن يكون هناك أفضل من أشرف نساء العالمين فاطمة الزهراء رضي الله عنها وصلوات ربي على أبيها سيد الأكوان، حين قال في حقها البشير النذير: «والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» فمن حق المجتمع أن يعيش بأمان ولن يكون ذلك إلا أن يكون الجميع رئيساً ومرؤوساً في نظر القانون سواء. لقد سقطت امبراطوريات ودول وانهارت حكومات وشعوب عندما جعلت القانون يمايز بين الناس، ولقد أخبرنا النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام في أن بني اسرائيل هلكوا «لأنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد» فيم بقاء المجرم في السجن بضع سنوات وقد شهد عليه الشهود واعترف بجريرته وأهل الدم يطالبون بإلحاح أن يطبق عليه شرع الله الحنيف؟!. ليس الأمر يقتصر على المجرمين القتلة وإنما ينسحب على اللصوص آكلي المال العام، الذين أصبحوا لايستترون عن أعين الناس، بل يشعرون أنهم يستحقون التقدير لأنهم حمران عيون وملأى بطون بالحرام.