لا يتعرض الكتاب المعاصر لتحديات كبيرة فحسب، بل عليه أن يُناجز الزمن حتى يجد له حضوراً في متاهة الوسائط المتعددة والتقنيات الرقمية والشبكة العنكبوتية الكابحة للخيال، وهذا أمر يثير اهتمام العالم برمته، فيما يضع أسئلة كبرى أمام القائمين على الكتاب المعروف تاريخياً بوصفه نصاً ينساب بين غلافين، ويتموْضع في أساس المًعالجات والاشتغالات الإخراجية واللغوية القابعة بين هاتين الضفتين. هذا الكتاب كان ومازال يتمتع بخصاله الفريدة، وحميميته في التحاور مع الأنا الرائية القارئة، وقدرته على التحرر من حيز المكان والزمان.. لكنه وبالرغم من كل ذلك يواجه موجة عاتية من المنافسة، وتتمثّل هذه المنافسة في الكتاب الالكتروني بأشكاله المتعددة والمتجددة، وهو أمر يقتضي النظر في فن صناعة الكتاب " الكلاسيكي ". والحقيقة أن كثيراً من دور النشر العالمية لجأت إلى أساليب جديدة في التعامل مع هذا التحدي، ربما كان أبرزها وأهمها عل الإطلاق تفعيل قوانين حفظ الملكية الفكرية التي وللأسف مازالت قاصرة في العالم العربي، كما أن تلك الدور احتكرت عملياً وعبر القانون نشر أشكال متعددة من الكتاب الواحد بحيث يكون متاحاً لقارئ الكتاب الورقي، كما لقراء ذات الكتاب عبر النت أو الاسطوانات، وحتى التلفونات الرقمية الأحدث. تحركت صناعة الكتاب العصري قدماً إلى الأمام كيما تنتقل إلى فضاء الاستخدام الرشيد للورق، مع قدر كبير من تغيير الأنماط الإخراجية، وحتى التأليف، الأمر الذي حافظ وإلى حد كبير على بقاء الكتاب التاريخي حياً قوياً وفعالاً. موديلات صناعة الكتاب المنتشرة في أوربا وآسيا تستحق وقفة تأمل واستجلاء من قبل الناشر العربي الذي عليه أن يتماهى إيجاباً مع صناعة الكتاب العصري حتى نساعد على تفتيح مائة طريقة وطريقة، وعلى تجسير الهوة بين المكتوب والمرئي والمسموع.