ماكنت أصدق ان هناك من الناس من يفجرون قنابل في الاعراس إلا عندما رأيت رجلاً في أحد مستشفيات العيون جالساً أمام الطبيب صاحب المستشفى وعلى عينه اليسرى قطعة من الشاش الأبيض ونظارة سوداء، وكان الطبيب يسأل هذا المريض عن العلاجات التي قررها له ليعرف ماالذي استخدمه منها وماالذي يلزمه لتضميد الجراح الناجم عن شظية قنبلة القيت من قبل أحد أصدقاء العريس أو هو من أسرة العروس في منطقة ما بهذه المحافظة. وقد قال لي الدكتور بأن هذا الشخص واحد من عشرات بل مئات من ضحايا الألعاب النارية التي تطورت إلى استخدام الاسلحة النارية ومنها القنابل التي تلقى على مقربة من المحتفلين بعرس هنا أو هناك في القرى والمدن، وقال بأن ماقيمته أكثر من اثنين مليار من الالعاب النارية كالطماش بأنواعه إلى تلك التي تطلق إلى الجو والتي تضيء السماء بألوان زاهية متعددة وتحدث أصواتاً يطرب لها الأطفال والكبار على السواء ليس في اليمن وإنما في كل الدول لاسيما في المناسبات الوطنية أو في ختام البطولات والمهرجانات الرياضية والسينمائية. قبل هذا اليوم الذي رثيت فيه لذلك الرجل الذي يقدر عمره مابين «03 53» عاماً وجدت رجلاً يحمل طفلته وهو في حالة يرثى لها يسأل عن أي صيدلية توفر وتبيع أدوية العيون، وكانت عين الطفلة محمرة ومتورمة فسأله أحد ركاب الحافلة الصغيرة، ماذا بها ؟ قال مسمار، ماذا عملت ؟ قال ماذا أعمل ؟ فقد أكد الأطباء بأنه لابد من قلع العين لاخراج المسمار، وسألته عن السبب فرفض القول، ولم أكرر السؤال عليه لانني فكرت بأن ذلك حدث في البيت على يد أحد اخوتها، ولكنني بقيت في حيرة. هل قام الجاني بدق المسمار حتى غاص في عينها أم أنه كان في يدها ورأسه المدبب إلى أعلى فسقطت وهو في يدها التي وقعت عليها، وهل يعقل ذلك ان يختفي مسمار في العين مهما كان صغيراً ؟ المهم ان الكل تعاطفوا مع الرجل واشفقوا على طفلته وقال أحدهم: لكم ان تتخيلوا كيف تنام وكيف تنظر وتتلفت، وأمها المسكينة التي لاتقل حزناً عن زوجها على ابنتهما البريئة الصابرة على الألم لكن تعابير وتقاسيم وجهها لاتستطيع ان تخفي محنتها. وتعقيباً على سؤال الدكتور عن سبب عدم منع الألعاب النارية العادية منها والخطرة في المناسبات وفي الأحوال العادية، قلت له: والله مثلي مثلك لانعرف ماهو السبب رغم ان الجهات المعنية تحذر دائماً وتقوم بحملات لتفتيش المحلات المشتبه فيها وتلقي القبض على كل من يفجرون الطماش القوي الصوت الذي ظهر منذ سنوات قريبة وتعلن مصادرة كميات منها وتوقف أصحاب المحلات البائعة لهذا النوع من الطماش ومع ذلك فهي مستمرة وإطلاق الرصاص مستمر والضحايا يسقطون ومنهم وفيهم بعض العرسان بطريق الخطأ فتتحول الأفراح إلى اتراح و نواح بدلاً عن الزغاريد والأغاني.