في الجامعة ستجدون عقولاً مستنيرة ونفوساً وضيئة وقلوباً عامرة بالحب لله وللوطن، شغوفة بالعلم، أوقاتها مشغولة بالتحصيل والبحث والقراءة المتواصلة بالرغم من الشدة التي تعانيها في الحصول على لقمة العيش،فهناك البعض من طلاب الجامعة لايجدون من ينفق عليهم سوى أمهات مكافحات أو آباء مجاهدين في ساحات العمل،لايحصلون على الرزق إلاَّ بصعوبة بالغة من عملهم كموظفين أو عمال أو تجار متجولين أو مستقرين في دكاكين متواضعة أو سواقين، يقضون اليوم كاملاً في البحث عن الرزق الحلال لإعالة أسرة بكاملها ومن بين أفراد هذه الأسرة طلبة وطالبات في الجامعة، ليس ذلك وحسب.. بل هناك من الطلبة والطالبات في الجامعة يعملون في مواقع مختلفة، فطالب يبيع الصحف والمجلات منذ الصباح الباكر أو يشتغل في «الحمالة» أو يسوق «جارياً» محملاً بالخضروات أو المستلزمات الاستهلاكية التي لايجد لها رواجاً وهناك طالبات يعملن في أنشطة حرفية متعددة ومتنوعة لكي يستطيع أمثال هؤلاء أن يغطوا نفقات دراستهن أو دراستهم في الجامعة ويغلب على سلوكهم وسلوكهن الاستقامة والعفة وعزة النفس، تعرف ذلك من تعاملهم مع الآخرين ومن حديثهم ومن إصرارهم على النجاح بصورة مشرفة وبدرجات عالية، ومن قدرتهم الفائقة على الإلتزام في حضور المحاضرات في أوقاتها إلاَّ أن يعوقهم عائق العمل والبحث عن لقمة العيش.. أمثال هؤلاء من الطلبة والطالبات هم زينة الجامعة ومفخرة الوطن ووسام يعلق فوق صدور آبائهم وأمهاتهم إن كان لهم دور في تربيتهم على النحو الذي ذكرنا.. أمثال هؤلاء الطلبة والطالبات يستحقون أن تنظر الجامعة في أمرهم من حيث تقديم كل التسهيلات لهم بما في ذلك إعفاؤهم من الرسوم ، أمثال هؤلاء الطلبة والطالبات يستحقون العناية والرعاية والاهتمام من وزارة الأوقاف ومن صندوق الرعاية الاجتماعية الذي ينفق الملايين فتتحول إلى ملاليم عند توزيعها على المستحقين الذين هم في معظمهم غير مستحقين!!! هذا هو الوجه المشرق لطلبة وطالبات الجامعة فهل هناك وجه آخر لطلبة آخرين في الجامعة؟! نعم هناك وجه آخر قبيح أشد مايكون القبح لطلبة آخرين في الجامعة.! يأتي في مقدمة هؤلاء الطلبة والطالبات أولئك الذين يذهبون إلى الجامعة ليس من أجل الدراسة والتحصيل والتعب في بذل الجهد للتفوق والابداع وصرف الوقت في الإطلاع والدراسة الجادة والبحث عن المعرفة في قاعات المحاضرات وفي مكتبة الجامعة وفي المعامل والمختبرات ومتابعة المدرسين والأساتذة سواء أولئك الذين يسخون بأوقاتهم من أجل إفادة طلابهم أم أولئك الأشحاء الذين يبخلون في إعطاء المعلومات لطلابهم كأشد مايكون البخلاء، فالبخل ليس فقط عند بعض الأغنياء الذين يقترون في الانفاق خوفاً من أن تنقص أموالهم وينفد المال من أيديهم هذا شأن البخلاء من الأغنياء، فما شأن البخلاء من العلماء وأساتذة الجامعة هل يخافون أيضاً أن ينقص علمهم إذا بذلوه لطلابهم؟ هناك طلبة وطالبات في الجامعة، لايأبهون بالعلم ولايبحثون عنه ولايجدون مكاناً في عقولهم وقلوبهم لفهمه أو استيعابه وإنما هم يذهبون إلى الجامعة للتباهى و«المنظرة» .. عقولهم صغيرة ونفوسهم وضيعة وأحلامهم متدنية وزائفة، يقضون أوقاتهم في الحملقة في العيون واختراق المساحات خلف النقاب أو الحجاب.. ضحكاتهم مزرية غير خفيفة وابتساماتهم ملعونة غير محتشمة،لايملون الدوران والانتقال من ساحة إلى ساحة ماعدا ساحة الدرس فإنهم لايقربونها إلاَّ إذا دخلوها متفرجين غير آبهين بعلم أو تحصيل، فليس بينهم وبين المعرفة إلاَّ كل بغض أو نفور. هل تدرون ماهي آخر صيحة من صيحات الموضى أتوا بها إلى الجامعة؟ لن تصدقوا.. ولكن هذا ماحصل .. ومن لم يصدق فليذهب إلى الجامعة ليشاهد جماعة من الشباب قد ارتدوا سراويل طويلة «بنطلونات» صنعت خصيصاً للشباب «الهايف» شباب «الترسو» من النوع الرخيص جداً.. فماذا فعل المصنعون «الملاعين»؟! حولوا فتحة البنطال من الأمام إلى الخلف.. هكذا ببساطة.. «والذي لايشترى يتفرج» يتفرج على شباب غِر،لم يجد من يربيه تربية صالحة ولا من يوجهه التوجيه السليم فاقتحم سوق الابتذال ولكي يمعن الصنّاع «الملاعين» في الضحك. . والاستهزاء بالشعوب وعقول الشباب الهايف اختاروا تسمية لهذا النوع من السراويل كتبوها على رقعة مرفقة به:«معذرة يابابا».. فمعذرة على ماذا أيها الشياطين؟وبماذا توحي هذه الرقعة الرقيقة؟ هل تريد أن تقول «معذرة يابابا فقد ولّى عهد الحشمة والفضيلة والإتزان؟».. وجاء عصر الجهل المقنّع والمغلف بسموم الثقافة المستوردة من أخطر المراكز الثقافية في العالم.!!!