لا يمكن لأي محلل سياسي أو مراقب إغفال حضور اليمن بقوة على أجندة مجلس التعاون الخليجي في دورته الثلاثين التي تختتم اليوم في الكويت. ومبعث مقاربة الموضوع اليمني على نحو كبير التطورات التي برزت إثر تسلل المتمردين الحوثيين إلى الأراضي السعودية، فضلاً عما يمثله التمرد من تعكير صفو الاستقرار داخل اليمن وانعكاساته على دول المنطقة، الأمر الذي يدعو إلى الاهتمام الإضافي من قبل قادة الخليج للشأن اليمني. وكان الرئيس علي عبدالله صالح قد بعث برسالة نقلها وزير الخارجية الدكتور أبوبكر القربي إلى أمير دولة الكويت عشية القمة، حيث أعرب الأمير عن استعداده وكافة قادة مجلس التعاون لبذل الجهود لدعم اليمن واستقراره ووحدته. وهذه إشارة لا تخلو من دلالة على تفهم القادة الخليجيين للتعاطي مع الموضوع اليمني برؤية تتسم بقدر كبير من تفهمهم المعضلات الاقتصادية، خاصة وأن ثمة دولاً لم تفِ بالتزاماتها تجاه تعهدات مؤتمر المانحين في لندن.. فضلاً عن أهمية الاستشعار بالمخاطر التي تمثلها التحديات التنموية والقائمة التي تواجه اليمن. لاشك بأن قمة الكويت ستكون محطة جديدة في العلاقات الخليجية مع اليمن من منطلق إعادة قراءة طبيعة هذه العلاقات في ضوء المتغيرات الراهنة سواء لجهة انعكاسات الأوضاع الأمنية والاستقرار في اليمن على منظومة دول المجلس.. وكذلك ظهور الأصابع الإيرانية وراء دعم التمرد الحوثي في صعدة، وهو موضوع خطير في أبعاده التي لا تنحصر على اليمن، بل تتعداها إلى الأمن القومي لمنظومة دول الخليج. وحسب الإشارات التي ظهرت واضحة الدلالة عشية القمة الخليجية في الكويت فإن ثمة اتجاهاً واضحاً لإعطاء اليمن دفقاً معنوياً ومادياً تجاه التحديات القائمة. اليمن يتطلع من قادة دول مجلس التعاون لخليجي في قمتهم الراهنة خطوات كبيرة تجاه تمويل برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية باعتبارها إحدى أولويات الحكومة في تجاوز الراهن من المشكلات، ولذلك فإن المتوقع من قمة الكويت أن تكون اليمن حاضرة في التأكيد على هذه المسئوليات تجاه اليمن الذي يخوض معركة حقيقية ضد مشاريع إقليمية تستهدف الهوية العربية، فضلاً عن مسئولياتها التي تقوم بها في مجابهة الإرهاب والتطرف وهو ما يتطلب دعماً إضافياً خاصة بالنظر إلى الظروف والمسئوليات التي تعيشها اليمن داخلياً. استباق اليمن التعبير عن امتنانها وتقديرها لمواقف الأشقاء في الخليج استبق انتهاء القمة في الإعلان عن هذا الامتنان الذي يدل أن ثمة تطمينات خليجية عبرت عن نفسها تجاه اليمن سواء في تجديد التأكيد على دعم استقرار ووحدة اليمن أو في الاستمرار في تمويل برامج التنمية التي تسهم في إعادة هيكلة الاقتصاد والتسريع بانضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي، مما يعطي دلالة على استيعاب قادة دول المنطقة بأن مما تتعرض له اليمن حالياً من تحديات لا يمثل فقط تحدياً أو انعكاساً على دول المنطقة، بل إنه تحدٍ مباشر لاستقرار هذه المنظومة الجغرافية والتاريخية التي لا يمكن إلا أن تكون وحدة جيوسياسية واقتصادية متكاملة.