من فجاجة القول بأن مؤتمر لندن المقرر عقده يوم الأربعاء القادم، والذي ستحضره وفود رفيعة المستوى تمثل أقطاب المجتمع الدولي، سيناقش أجندة تعطي الضوء الأخضر للتدخل العسكري في اليمن تحت مبرر القضاء على الارهاب، مما يعني الشروع في احتلال اليمن وتفكيكها ووضعها تحت الوصاية. فمن يعتقد بهذا أو يتوهمه ويروج له وينادي بالويل والثبور، لايستبعد أن يصنف بإحدى الأمرّين : إما انه جاهل بدروس وعبر التاريخ، أو انه حاطب ليل يضمر في نفسه شراً لوطنه. فدروس التاريخ القريب تشير إلى تجارب التدخل العسكري في أفغانستانوالعراقوالصومال وغيرها وتؤكد استحالة نجاح استخدام القوة العسكرية لتقرير مصير أي بلد ذات سيادة، وإعادة رسم معالم نظام الحكم فيه، تحت ذرائع محاربة الارهاب، إذ لاتزال دروس وعبر غزو العراق ماثلة أمام الأذهان بكل مأساويتها، ولاتزال المماحكات الأدبية والسياسية والاعلامية تُدين من أقدموا على هذه المغامرة. كما أن من يعتقد في مؤتمر لندن بأنه سيعطي الضوء الأخضر لتفكيك اليمن وإعادة السلطنات والمشيخات إلى مصاطب الحكم، وتمكين مخلفات الإمامة والقوى الظلامية من إقامة دويلة لهم في شمال الشمال ، فهو واهم ومصاب بالاكتئاب، لأن الدول العظمى والمجتمع الدولي كافة في قناعة بتسليم جمعي بخطورة تصديع الوحدة الوطنية للدول والشعوب لما لها من انعكاسات كارثية على الأمن و السلام العالمي، وفي الصومال وما أنتجه من قرصنة بحرية واحتضان للقاعدة خير مثال على ذلك تليها العراق. إذاًً ماذا يريد منا مؤتمر لندن القادم، وماذا نريد نحن منه ؟! فيما يتعلق بالشق الأول من السؤال تقول الإجابة عليه إن مؤتمر لندن يريد ان يطمئن على وحدة اليمن وصلابة النظام الديمقراطي الوطني فيه ، عن طريق استماعه المباشر لممثل اليمن والوفد المرافق له، ثم الاستماع إلى احتياجات اليمن لتعزيز التنمية فيه وتجاوز ضائقته الاقتصادية بمايساعد على تعزيز فاعليته في مكافحة الارهاب وتجفيف منابع الفساد وتعزيز مداميك وحدته الوطنية. أما ماذا نريد نحن من هذا المؤتمر، فإن الإجابة عليه وإن ورد بعضها في الإجابة على الشق الأول من السؤال، تقول: إننا نريد من المجتمع الدولي ان يفي بتعهداته لليمن، وأن يتدارس مجدداً الآليات العملية التي تفضي إلى استيفاء ما وعد به مؤتمر لندن للمانحين في نوفمبر 2006م من دعم لليمن .. إلى جانب الاستغلال الأمثل للوقت المقرر لليمن لعرض مشكلاته بحيث نبرز طبيعة هذه المشكلات ونصحح النظرة التي تنظر بها إلينا بعض الدول والتي تأثرت بالتقارير الكيدية والابتزازية التي روجت لها بعض المنظمات الدولية والمحلية للأسف الشديد، وتلك الأخبار المزيفة والمقالات الاستعدائية ضد اليمن التي تضخها بعض الصحف الأهلية والحزبية. وماعدا ذلك فإن اليمن قوية ومتماسكة ولا وجود لمسببات ومبررات التفكك أو الانهيار أو الفشل إلا في عقليات من يضمر شراً لليمن. قال الشاعر : لعمرُك ماضاقت بلاد بأهلها ولكن أخلاق الرجال تضيق عمرو بن الأهتم