إنه المثلث الوطني النشط الذي يجمع بين جمال الطبيعة ورسالة المعرفة وطموح المنافسة في فضاء لم يعد حكراً على أحد.. كل ما يحتاجه فقط هو الإرادة المؤسسية الجماعية، والثقة بالنفس، والاحترام الكبير للذات، وشيوع ثقافة الإنصاف للآخر مهما اختلفنا معه في الحزب أو الفكر أو المنطقة أو القرية. ما من شك بأن الحركة المتسارعة لمدينة عدن التي تريد أن تسبق بها الزمن المتبقي لعرس الجزيرة والخليج «خليجي 20» يقف خلف تلك الحركة ويحكم توزعها ونشاطها؛ لأن الفترة التي بدأت تأخذ طابع الجدية قصيرة، والسبب تشبعنا بثقافة التسويف والمماطلة التي طبعت وميزت المؤسسات اليمنية المعنية بالشأن التنفيذي في بلادنا. إن الفترة الزمنية بين اختيار اليمن لإقامة الفعالية الرياضية وانطلاقها أربع سنوات على الأقل، لكننا لم نستيقظ إلا في الثلث الأخير من المسافة تلك، ما هي الأسباب التي حالت دون انشغالنا بالموضوع وكسب الرهان الزمني والواقعي؟! لا ندري!!. لأن الإجابة قابعة في حقيبة وتقارير اللجنة المشرفة على خليجي 20، كذلك أحداث وتمردات صعدة لعبت دوراً كبيراً في انشغال القيادة واهتمامها عن متابعة واستعجال المؤسسات والجهات المعنية في استكمال متطلبات الفعالية الفنية والإنشائية ومتطلبات الاستقبال. لكن المتابع لما هي عليه عدن من الحركة والنشاط مشجعة, ما ينقص تلك الحركة والنشاط والاستعدادات هو تفاعل الجماهير واستشعار الجميع في هذه المدينة بالمسؤولية تجاه عدنالمدينة الجميلة النظيفة والمعشوقة، وعدم الاكتفاء بالملاحظة والصمت، وسلبية التفاعل، وكأن الأمر لا يعنيهم. اللافت للنظر هو أن البعوض والذباب قد تكاثر بشكل مخيف نتيجة المياه الراكدة؛ فإذا كانت مديريات عدن قد عجزت عن سحب تلك المياه أو تصريفها؛ فعلى أقل تقدير تشكّل كل مديرية فرق رش يومية لمكافحة البعوض المتزايد يوماً بعد يوم. بعض المدارس وبعض كليات جامعة عدن بحيرات راكدة، فاقمت من معاناة الطلاب في الفصول وقاعات المحاضرات، ولا أحد يحرك ساكناً؛ لأن مجرد العتاب أو الذكر يجعلك في خانة الاتهام والإقصاء معاً، وتكالبهم ضدك وتصنيفك ضمن الناقمين على قيادات تلك المؤسسات، ولا حول ولا قوة إلا بالله!!. وقّعت جامعة عدن عقد الإيجار مع المالك الشرعي لمبنى رئاسة الجامعة، أصبحت في الهم «مالي» وكل الذين مازالوا مستأجرين «بفتح الجيم وكسره» على السواء، يشاركنا المؤجر لقمة العيش، مثلما يقلق راحتنا ويزرع الكوابيس في نومنا بشكل دائم. في ظل الشعور بعدم الاستقرار يبقى الإبداع والانشغال بالمعرفة والبحث العلمي الجاد تعباً وأوجاعاً وإرهاقاً نفسياً وروحياً لا ينتهي. تحاول جامعة عدن العمل الدائم والنزوع إلى التغيير الموجع في صلب العملية الأكاديمية والاستمرار في تتبع مسار القصور والتعثر؛ وذلك حق مشروع ومهم بحثاً عن التميز الأكثر والأخصب وإن طال ذلك التغيير الذين شاركوا في ذلك النجاح. المهم هو أن التغيير مطلوب، والتجديد سنّة الحياة والكون؛ لكن بالأفضل والأجدر علمياً وأكاديمياً وإدارياً فقط ألا تكون الجغرافيا هي الأقوى وتشكل عامل الترجيح والمؤثر والحاسم في مجال ذلك التغيير، أو تصفية الحسابات المرحّلة مع هذا أو ذاك. لأن الجامعة مؤسسة أكاديمية علمية تربوية، لا تخضع لثقافة المراضاة أو الكراهية معاً؛ الواجب علينا وطنياً ألا ندخلها في حلبة التوازنات الجغرافية. لأن تسرب ذلك المفهوم إلى المؤسسات الأكاديمية كارثة الكوارث، خاصة أن جامعة عدن بالذات تعد قاعدة المثلث، ويجب أن تبقى تلك القاعدة صلبة متماسكة وقوية وعدم تسرب الهشاشة إليها مهما كانت الظروف. أما قناة عدن المسمى «يمانية» فهي الضلع الثالث في المثلث ونبضه ومقياس تكامله، تحتضن من المبدعين والكوادر والقيادات ما يجعلها تكسب رهان التميز بين مثيلاتها في الفضاء الواسع. بقي أن نعيدها إلى وضعها الطبيعي قناةً تحمل اسم عدن، تدفع به إلى الفضاء حاملاً التنوع والتعايش والإبداع، وترسل الصورة الرائعة والأحلام الجميلة لليمن الأرض والإنسان. شكّلت عدن في تاريخ اليمن القديم والمعاصر مدينة المتغيرات الوطنية وحاضنة التغيير، ويجب أن تظل كذلك، فلقد كانت بوابة الحلم الوحدوي ومصدر طاقته ومكان تحققه، وستظل عنصر القوة في الإضافات الوحدوية وبناء اليمن الديمقراطي الجديد. كل ذلك يحتاج منا إلى إعادة ضلع المثلث المفقود المتمثل في إعادة اسمها للقناة الفضائية، ليكن القرار شجاعاً يسبق فعاليات خليجي "20".. هل نستطيع ذلك..؟. [email protected]