أتاحت لي الدعوة الكريمة الموجهة من اللجنة الإعلامية لفعاليات تريم عاصمة الثقافة الإسلامية 2010م ضمن مجموعة من الصحفيين والإعلاميين من مختلف المحافظات فرصة سانحة لزيارة وادي حضرموت وشرف حضور تدشين الفعاليات الثقافية لاحتفائية تريم والمشاركة في رسم تجليات عرس تتويجها عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2010م المقام تحت شعار (نحو ثقافة إسلامية تواكب متغيرات العصر) وبحضور لافت من قيادات حكومية بارزة ومثقفين ومفكرين وإعلاميين ونخب إبداعية وعلمية وشخصيات اجتماعية ومشائخ وفقهاء وعلماء دين وطلبة علم ووفود وممثلي العديد من الدول العربية والإسلامية. حيث غدت تريم مكسوّة بألوان من البهجة والمسرة والثقة العالية التي تؤكد أهليتها لقرار المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم الإيسيسكو باختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية بوصفها أحد الحواضر العربية والإسلامية التي رسخت قيم حضارة ونشرت منارات ثقافة وأشعت فكراً ومعرفة وسلوكاً ومعاملة، وبما أن قرار الاختيار الذي تحتكم إليه منظمة «الإيسيسكو » يخضع لمعايير دقيقة واشتراطات محددة ترتكز على ما تقدمه المدن الإسلامية إحدى من أدوار وأنشطة وفاعلية في خدمة الثقافة الإسلامية فإن تريم جديرة بذلك اعترافاً بدور هذه المدينة الدعوية والعلمية والفقهية ومدرستها في نشر دين المحبّة والسلام والوسطية والاعتدال إلى أصقاع شتّى من العالم بالمعاملة الطيبة والموعظة الحسنة والصدق والأمانة , والدعوة إلى الناس بالحكمة والهدى والمنهج الواعي والتعايش معهم وخاطبتهم بالحسنى واحترام ثقافاتهم وقناعاتهم وأفكارهم بعيداً عن أشكال الغلو والتطرف وإلغاء الآخر , وإجلالاً لتلك الهامات التي أنجبتها هذه المدينة من العلماء والمفكرين الذين كان لهم دور كبير في حمل رايات ومشاعل العلم إلى بقاع المعمورة وإثراء الحياة الثقافية والعلمية والدينية ولأولئك القامات السامقة من المبدعين الأفذاذ التي نقشت وصنعت ذلك البهاء من فنون وعمارة وإرث وأدب. وفي يوم الاحتفاء تحولت تريم إلى مزار قصده الناس من مختلف المناطق المحيطة بالمدينة وغاصت ساحة منقذ بن يحيى بالجمهور الغفير الذي احتشد عصراً في المهرجان الكرنفالي والشبابي الذي شارك في تجسيد لوحاته التراثية والشعبية زهاء (2500) طالب من مدارس وادي حضرموت ومساء في الملحمة التاريخية «تريم جنة الدنيا » التي اشتلمت على لوحة فنية مغناة بمشاركة منشدين وراقصين شباب حاكت في ثمانية فصول التاريخ والأدوار والمواقف لهذه المدينة وأبنائها منذ دخول الدين الإسلامي إليها واعتزاز أهل هذه المدينة الطيبة بالدين الإسلامي الحنيف والوفاء لرسول المحبة والإنسانية ونصرتهم للدين الحق والفضيلة ومحاربة المرتدين ووقف الاقتتال والفتنة بين أبناء الدين الواحد ودور أهل تريم وعلمائها وفقهائها في حمل لواء نشر الرسالة المحمدية الخالدة في هجراتهم إلى دول آسيا وأفريقيا وغيرها من الشمائل والأدوار الحميدة إلى حاضرنا الراهن وما تنعم به تريم من مجد وثراء . وأجد نفسي في هذا المقام أنطلق من قول الدكتور محمد أبو بكر المفلحي، وزير الثقافة رئيس اللجنة العليا لاحتفالية تريم عاصمة الثقافة الإسلامية بأن وزارة الثقافة تسعى هذا العام لتحقيق الأهداف الإستراتيجية لمفهوم العاصمة الثقافية من خلال الكشف عن التراث والثقافة والتنوع في المجتمع اليمني تفاعلاً مع الاختيار الموفق وللمكانة البارزة لتريم كعاصمة للثقافة الإسلامية وبما تحمله من معان عديدة كونها حاضنة للثقافة والعلم والمعرفة وعاش فيها العديد من العلماء والمفكرين حيث لا زالت تقوم بدورها التنويري الذي اضطلعت به منذ وقت مبكر.. فإننا نأمل أن يكون هذا العام مناسبة لإبراز الوجه الحضاري والثقافي لهذه المدينة بكل مكوناته وتجلياته وتفرداته , وأن يكون فعلاً لا قولاً عاماً استثنائياً احتفائياً بالخصوصية الثقافية الإسلامية لهذه المدينة الرائعة «تريم » تكون بمثابة تظاهرة إسلامية يبرز الوجه الحضاري لهذه الحاضرة الإسلامية العريقة , وأن يتم احتضان ورعاية وتشجيع مختلف المبادرات الثقافية والإبداعية والعملية التي تتسق مع الاحتفاء بعاصمة الثقافة الإسلامية وأن تسهم مختلف الأطر ذات الارتباط بالثقافة والتراث والإبداع وكافة المختصين والمهتمين بالشأن الثقافي بالاحتشاد في عام تريم الثقافي الإسلامي وتقديم صورة ايجابية تتلاءم مع دور هذه المدينة العريقة ثقافياً وحضارياً وفكرياً وتقديراً لتلك الإسهامات الطيبة لأبناء الوطن عموماً وعطاءاتهم في خدمة الثقافة والعلوم.