الرياضة في مفهومها عبرالعصور فن من الفنون التي يبدعها بنو الإنسان في كل ربوع المعمورة وهي فن تتوافر فيه كبقية الفنون الأخرى (الشعر – الرسم – النثر المسرحي – والروائي -.... إلخ) تتوافر فيه القيمتان الرئيستان (القيمة الجمالية – القيمة النفعية) فالأولى هي ما تمنح المتلقي المتعة والأخرى تعطيه الفائدة، والرياضة بمختلف ألوانها وصورها وألعابها تحقق ذلك وبدرجة كبيرة والدليل على ذلك أن واحدة من ألعابها (كرة القدم) استطاعت انه تسلب وتسحر ملايين من الناس في كل مواطن الدنيا من معجبين ومتذوقي ومحبي لعبة المستديرة على العشب الأخضر.. وهذا بالطبع يعود إلى أسباب عديدة أهمها : القدرات الإبداعية لدى مبدعي اللعبة من اللاعبين أنفسهم، القدرات الإدارية والفنية لدى الجهات المسئولة عن اللعبة في الأندية والمنتخبات .... إلخ. الدعم المالي والمعنوي وتوفير أرقى السبل للمبدعين في الحياة الكريمة، والأهم : الإيمان الراسخ لدى القائمين بالعمل على أداء أمانة المسئولية وبذل قصارى الجهود في التجديد والتحديث وصولاً إلى تحقيق المواكبة الفخورة في المنافسة والتألق والنجاح. ومن وراء كل ما تحققه الرياضة في صورها الملموسة هناك أهداف عظيمة تحققها الرياضة الناجحة أداء ودراسة وإدارة ودعماً ألا وهي بناء القدرات الشبابية في الخلق والابداع وفي الانتصار على الفراغ وفي تنمية المدارك والمشاعر الوطنية وحب الوطن وفي صون أفكار ووجدانات الشباب من الانحراف والاغواء والتطرف والتشدد والخيانة والانحراف ضعفاً نحو السقوط في هاوية التعبئة الخاطئة... إلخ.. ولهذا فإن الكثير من الدول تعتبر الرياضة البوابة الرئيسة لبناء شبابها على طريق التنمية العامة فلا يتحقق لأي أمة أو وطن أية تنمية حياتية ما لم يكن الشباب هو أساس البنيان النهضوي المتطور. وفي بلادنا فإن الدولة تقع على عاتقها المسئولية الكبرى في معالجة كل ما يعانيه الشباب من فراغ وبطالة وانهزام أمام التيارات الفكرية الهدامة والإرهابية بالرياضة والاهتمام بها كأساس هام لتحقيق تنمية شبابية مستدامة ما لم فإن ما نعانيه اليوم من القوى المعادية للوطن في استغلالها لبعض المجاميع الشبابية الفقيرة إلى الوعي وإلى سد الفراغ والبطالة .... إلخ وتجنيدها لتنفيذ أعمال تخريبية وإرهابية وخروج متمرد عن القانون .... إلخ وأننا بقدر ما نلمس من الجهات المختصة من مشروع في هذا الاتجاه الايجابي بقدر ما تصدمنا ظاهرة الاهمال الكبير من قبل نفس الجهات للشباب المترامي الاحلام والطموحات في الأندية الريفية بمختلف مديريات الجمهورية... وهنا تكمن المشكلة الكبرى إذ أن أعداء الوطن بمختلف أشكالهم ومخططاتهم يبدأون الاصطياد من المناطق النائية التي يفتقر الشباب فيها إلى أبسط مقومات الأنشطة الرياضية والثقافية وإلى أبسط المستلزمات الواجب توافرها لممارسة تلك الأنشطة، ولا اعتقد أن هذه النقطة غائبة عن ذهن جهات الاختصاص ولكن لا أدري ما الذي يقف وراء مثل تلكم اهمالات. ولقد اعجبني الدكتور عادل الشجاع في مقال سابق له هنا عن الجهود التي بذلها ويبذلها مكتب الشباب والرياضة في محافظة الحديدة وأزيد أنا هنا تذكير الأستاذ نبيل الحبيشي – مدير المكتب بالاندية الريفية في كافة مديريات المحافظة أن الاهمال لهذه الأندية وحرمانها من كل ما تنعم به أندية عاصمة المحافظة يؤدي إلى نتائج عكسية وسلبية وتذهب بكل جهوده إلى هباء، والمطلوب هو اعطاء هذه الاندية قدراً من الاهتمام والرعاية والدعم والرقابة والمتابعة ومشاركتها همومها والعمل على حلها أو المساهمة فيها والعمل على الخروج من دوائر التأخير الممقوت لصرف المخصصات والاهتمام بالمشاريع الاسمنتية التي تفتقر إلى أبسط الاثاث والأدوات الرياضيية بعد انشائها والأخذ بعين الاعتبار الجانب الثقافي للأندية الريفية والعمل على دعم المكتبة ودعم كل ما من شأنه العمل على تنوير الشباب ولا يدعهم فريسة سهلة للمتربصين من أعداء الوطن. ثقتنا في الأستاذ نبيل الحبيشي وكافة مسئولينا الرياضيين وأعتقد أن الرسالة وصلت وسوف ننتظر قليلاً من العمل الجاد لكسر الجمود في أريافنا الرياضية خدمة للتنمية الشبابية المنشودة ولو بأقل القليل مما نطمح إليه,وأن الدور الكبير الذي تلعبه الأندية الرياضية الثقافية الاجتماعية في تحقيق القيم الجمالية والمعرفية في أوساط مجتمعنا لايقتصر فقط على ممارسي الألعاب الرياضية فحسب بل يشمل أيضاً قطاعاً كبيراً من المجتمع المتابع والمتذوق وممن لديهم الرغبة في التزود الجمالي والمعرفي داخل أروقة الأندية وملاعبها المتعددة.. وبدعم ذلك كله يتحقق الهدف لأن فاقد الشيء لايعطيه ثم إن ظل الوضع كما هو عليه.. أقصد اهتمام مكاتب الرياضة في المحافظات حصرياً على شباب عواصم المحافظات وأنديتها فقط فإن ذلك سيؤدي، كما أشار إليه الأخ د.عادل الشجاع إلى عواقب وخيمة في أوساطنا الشبابية كما أن ما تقوم به الدولة مشكورة من انشاءات لمراكز شبابية أن يتبع ذلك توفير ولو بعض المستلزمات الضرورية لعمل هذه المنشأة أو تلك؟ أم أن تلك المباني فقط تصرف عليها الدولة الملايين لتصبح تصفّر فيها الرياح .. إن أندية ريفية في محافظة كمحافظة الحديدة عريقة جداً ومثلها خسران مبين أن تصاب بالعجز عن تفعيل أنشطتها نتيجة لإفتقارها إلى الدعم والرعاية والإهتمام ولو بالقليل منه وهذا أضعف الإيمان.. كأن يتم على الأقل تسوير الملاعب, إنشاء مكتبات ثقافية, توفير أدوات ولوازم الألعاب الرياضية.. ثم وهذا هو الأهم متابعة واستمرارية الدعم المعنوي وبهذا فقط سوف نبدأ في تحقيق تنمية رياضية تخدم الصالح العام لشبابنا في المدينة والريف ونعمل على بناء قدرات إبداعية عالية جسمانياً وعقلياً ووجدانياً نلبي الحاجة الإنسانية إلى الجمال والفائدة وترسيخ الوعي المستنير الذي لاتعصف به الرياح السوداء المعادية للوطن.