السباق الانتخابي الماراثوني في العراق إشارة دالة إلى حقيقة مجتمعية كثيراً ما تجاوزها السياسي العربي، وبدت واضحة في بلدان الشفافيات والحقائق الموضوعية التي تتقدم على درب المنافسة الحرة دون تدليس أو تزويق وتلفيق، وقد أومأت تلك النتائج إلى تعددية الآراء من جهة، وإلى انسكاب الناخب العراقي وراء مرشحين اثنين أساسيين هما ممثل القائمة العراقية رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي، وممثل قائمة دولة النظام والقانون رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي، وخلال أيام الانتخابات العسيرة بدت حسنات الشفافية كأبهى ما يكون, ذلك أن ثنائية الاستقطاب الشامل زلزل أقدام الطائفيين والمدلسين مما أصروا على اعتبار العراق الكبير مجرد طوائف وإثنيات لا يمكنها ان تتفق على كلمة سواء، والشاهد أن أياد علاوي نال أصواتاً ثمينة من المناطق التي تحتسب على السنة وفق الخريطة الطائفية التي تنزّلت مع الاحتلال، وصادرت التاريخ والجغرافيا، وغمرت الساحة العراقية بالدموع والدماء، كما أن الجنوب «الشيعي» لم يكن موحداً، ولا الشمال الكردي كان موحداً، الأمر الذي أظهر اصطفافاً وطنياً مغايراً لآمال الشعوبيين والطائفيين والشوفينيين، ومن لف لفهم . ومن محاسن الأقدار أن يكون سباق الثنائي العلاوي المالكي عسيراً قلقاً، وأن تظهر النتائج تباعاً، وأن ينخرط المراقبون السياسيون في تقديراتهم وتوقعاتهم المترجرجة، وأن تظهر صورة المنافسة الانتخابية كما لو أنها مشابهة تماماً للانتخابات في أرقى الديمقراطيات، وخاصة من حيث تفاوت حظوظ المرشحين الاثنين، وهو أمر كشف ويكشف ذلك الجانب المُغيّب من الحقيقة العراقية، كما كشف ذلك التوق الجمعي للخروج من نفق التنافي العدمي والتقاتل المجاني إلى فضاء الرحابة والسعة، فالعراق يتّسع لأهله، ويتقدّم على خُطى الأفضليات التنموية الرفيعة، ويتوفّر على عقول نيرة بالرغم من كل ما حاق به من ويلات ومصائب.. وللحديث صلة .