تمثل المبادرة اليمنية أرقى وأضخم مشروع عربي في الوقت الراهن لتوحيد كلمة العرب وبث روح العمل الجاد في سبيل تحقيق الوفاق العربي وجعل الدول العربية تمثل قوة لا يستهان بها وتحدياً كبيراً أمام أعدائها، فبنود المبادرة تدل وبشكل كبير على أن الذي وضعها بلغ من الحكمة مبلغها حيث ألمّت بجميع التفاصيل المهمة. ولا عجب، فاليمن ما فتئت تقدم المبادرات والحلول والمقترحات التي تستهدف بلورة العمل العربي الموحد، ولأن اليمن، ممثلة بقائدها، من صناع الوحدة فهي خبيرة جداً في صياغة وترتيب الطريق نحو التوحد، ولأن اليمن تمتلك الجرأة والقدرة على الطرح فقد استطاعت وضع عدة مقترحات ناجحة أولها مشروع آلية انتظام الانعقاد الدوري للقمة العربية التي تم إقرارها في قمة مصر العربية ومن حينه انتظمت دورات القمم العربية ثم مشروع إنشاء الاتحاد البرلماني العربي والذي تم إقراره وكان آخر مشروع هو مشروع الاتحاد العربي كما قدمت اليمن العديد من المبادرات والرؤى لجمع الوفاق ولم الشمل بين الدول العربية ومنها المبادرة اليمنية للقضية الفلسطينية وتحقيق الوفاق بين الفرقاء الفلسطينيين. إن المتتبع لنهج سياسة اليمن يجدها سباقة نحو كل عمل من شأنه تحقيق الوحدة العربية الشاملة وجمع كلمة العرب وموقفهم كخيار لا بديل عنه في ظل الأوضاع الراهنة وتعتبر إقرار المبادرة في جدول القمة القادمة المقر انعقادها نهاية العام الحالي دليلاً ملموساً على نجاح الدبلوماسية اليمنية التي تنتصر دوماً للقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية وإيماناً من قيادتنا السياسية بأهمية التكتلات السياسية لمواجهة تحديات العصر وطوفان العولمة والأزمة الاقتصادية الراهنة التي تسبب عبئاً كبيراً لا خلاص منه سوى بتغيير جذري وهيكلي في الكيان العربي حتى يستطيع مواكبة العصر وهذا لن يكون إلا إذا طُبقت جميع بنود المبادرة، حيث سيشهد العرب فجراً جديداً وغداً مشرقاً، الأمر الذي يتوجب على كل عربي مخلص أن يدعم ويساند هذه المبادرة القوية المقدمة من اليمن الذي عانى طويلاً من ويلات التمزق والشتات والفرقة والانقسام كما عانى من مشاكل جمة منها الفتن والحروب والفقر والبطالة ورغم ذلك يسعى بكل ما أوتي من جهد لتحقيق الاستقرار والهدوء في كافة أرجاء الوطن ورغم كل ما يشغل الرئيس علي عبدالله صالح إلا أنه وكما عودنا دوما أنه الرجل القوي الذي تحتل قضايا أمته حيزاً كبيراً من فكره واهتمامه وإيماناً منه أن كثيراً من مشاكل اليمن لن تحل سوى بتحرك عربي شامل نحو الوحدة والتكامل. إن المبادرة تمثل نقطة زاهية وعلامة مضيئة في تاريخ اليمن السياسي الحديث وهو ما يؤكد وبحق أن اليمن وعلى مر التاريخ هي السباقة نحو المجد والبناء وفرض مكانتها بين الدول رغم ما تحمله من هموم ولكن الكبير يبقى دوماً كبيراً، واليمن كبيرة بتاريخها وحضارتها، فقد شهد التاريخ لليمنيين بأنهم الفاتحون وهم السابقون إلى الإسلام بالدعوة وليس بحد السيف، وأنهم المتوحدون في زمن الفرقة والانقسام، ولأننا نعمنا في خير الوحدة فنريد أن ننعم بخير وحدة عربية شاملة متكاملة الأطراف، لذا على كل عربي أن يبارك مبادرة اليمن لأن ما تحمله من وضوح وقوة يؤكد أن الحلم العربي قد يتحقق إن وجدت الرغبة الحقيقية لذلك . [email protected]