نموذج فريد لنساء الوجود والذاكرة معا ً، ذلك أنها امرأة إشكالية بامتياز.. تجيد اللعب على كل الحبال، وتتفنّن في المراوغة والمداورة، لكنها تقع بشر أعمالها في نهاية المطاف، وهي بهذا المعنى أشبه ما تكون بقردة السيرك القادرين على التنطُّطْ والقفز على كل الحبال، غير أنهم يظلون محكومين في نهاية المطاف بحقيقة سلوكهم «الأكروباتي» قصير النظر. المرأة الهوائية تجيد استدراج الرجال، ولها في كل غاية وسيلة، وفي كل شاردة طريقة، وفي كل مقام مقال، وهي بهذا المعنى تُبهر من يراها لأول وهلة، فحالة التقمُّص لديها ترتقي إلى مستوى الحقيقة، فتبدو كالممثلة المحترفة، لكن هذا الاحتراف التمثيلي اليومي الواقعي سرعان ما يكشف عن الوجه الآخر لها. قيل قديماً: إن المرأة الهوائية تُحسن التعامل مع الرجال المائيين والترابيين، لكن نجاحها في التعامل مع المائي والترابي ليس لصالحها في نهاية المطاف، فالماء المُتفاعل مع الهواء يتحوّل إلى فيضان عارم، والتراب المتفاعل مع الهواء يتحوّل إلى عواصف عاتية. وحتى على افتراض قدرة الهوائية على التعاطي الإيجابي مع النار أمر يثير الشك والريبة، فالنار المتفاعل مع الهواء قد يتحول إلى شرارة تحرق سهلاً بكامله، ولهذا السبب قيل أيضاً: إن الهوائية أقل النساء حظاً في الحياة الزوجية المديدة الراكزة. استراتيجية المرأة الهوائية ذات أمد قصير جداً، لأنها وببساطة شديدة تفترض في الآخرين الغباء وعدم القدر ة على اكتشاف خصالها وأفعالها، لكنها وبالرغم من استراتيجيتها القصيرة المكشوفة تتمتّع بقدرات استثنائية على التدمير، خاصة عندما تتمكن من خلط الأوراق ولخبطة أولويات الآخرين ممن يلتبسون في علاقة معها سواء كانت علاقة اجتماعية أو علاقة عمل. وبالرغم من أحكام القيمة السابقة، لا تنطبق هذه الخصال بتمامها والكمال على كل امرأة هوائية، فكما قلنا في البداية بأن الهوائيات لسن من نفس الدرجة في عناصر خصالهن، فمنهن العاتيات الصاعقات، ومنهن الناعمات المقبولات إلى حد كبير، ولله في خلقه شؤون .