كانت المبادرة الدولية التي تصدرتها تركيا بتحريك أسطول الحرية تهدف إلى كسر الحصار الدولي الظالم الذي فرضته اسرائيل وحلفاؤها على غزة كسبيل في اتجاه رفع الحصار إلا أن إسرائيل ارتكبت خطأً فادحاً عندما أقدمت على مهاجمة الأسطول في المياه الدولية واستخدمت القوة المفرطة ضد مدنيين من مختلف دول العالم لايحملون أية أسلحة فقتلت وجرحت العشرات منهم واقتادت الباقين مع السفن إلى ميناء اسدود وبقية القصة معروفة. والمهم أن التصرف الإسرائيلي هو الذي تسبب في حدوث ردود الأفعال الدولية وتحريك المياه الراكدة إقليمياً ودولياً وهو مالم يكن ليتحقق بهذه الصورة لو أنها تركت الأسطول يمر إلى غزة بل إنها ربما كانت المستفيد في هذه الحالة، وصدق الله سبحانه بقوله: (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين). وقولنا بتحريك المياه الراكدة إنما لاقتناعنا بأن العالم كله يدرك حقيقة ما اقترافته وتقترفه اسرائيل من جرائم وحروب إبادة ومصادرة للحقوق الفلسطينية والعربية، ورفض لقرارات الشرعية الدولية ورفض لكل مبادرات السلام، دون أن يحرك العالم ساكناً. لقد أفشلت إسرائيل كل محاولات التسوية السلمية المباشرة وغير المباشرة، السرية والعلنية منذ مؤتمر مدريد حتى اليوم وطالما فضلت شن الحروب العدوانية وآخرها العدوان على غزة وقبلها العدوان على جنوبلبنان. وخلال كل سنوات التفاوض ومشاريع التسوية السلمية المزعومة بدأ المجتمع الدولي والرباعية الدولية وعلى رأس الجميع الولاياتالمتحدةالأمريكية في تعاملهم مع إسرائيل وكأنهم يريدون إقناع إبليس للسجود لآدم. وخيار الحروب الذي طالما كانت تفضله إسرائيل منذ تأسيسها صار اليوم غير مجد برغم أنها اليوم أقوى بعشرات المرات مماكانت عليه من قبل، إلا أنها وإن امتلكت القدرة على شن حروب تدميرية واسعة ضد جيرانها لاتستطيع منع اعدائها من إحداث نفس التدمير داخل مدنها. أما خيار السلام فمعناه في نظر اليهود نهاية دولتهم أصلاً.. ومن أجل إسرائيل وبقائها ابتدعت أمريكا وحلفاؤها مايسمى بمحور الشر وأعلنت مايسمى بالحرب ضد الإرهاب وروجت أمريكا وحلفاؤها لما يسمى بالاسلام فوبيا للتستر على الصيغة الشيطانية لجوهر دولة اسرائيل، ومحاولة إلصاقها بالعرب والمسلمين وغيرهم. والأكثر من ذلك الصقوا صفة السامية باليهود، وسنوا القوانين ضد كل من يعادي إسرائيل واليهود بحجة أنهم معادون للسامية. ونتيجة لكل ذلك وغيره بدت إسرائيل وكأنها دولة فوق القانون والحقيقة أنها ليست إلا كياناً للشيطان لايمكن أن يقبل بالسلام أو التطبيع لأنه كيان شرير من الأساس لايؤمن إلا بصراع الحضارات ولايستمر إلا بالفتن والحروب.. وماشعور قادة هذا الكيان بخطورة ردود الأفعال الدولية تجاه ماقامت به إسرائيل ضد اسطول الحرية إلا لأن العالم بدأ يقتنع بشر هذا الكيان وخطورته على العالم كله. كيف لا وهذا الكيان الذي طالما اشترط التطبيع مع العرب مسبقاً من أجل السلام هاهو اليوم يخسر التطبيع كلياً أو جزئياً مع من اعترف به ومنهم تركيا مؤخراً. والشعور السائد اليوم في أوساط المجتمع الإسرائيلي أنهم يخشون من فقدان شرعيتهم الدولية، هذا الشعور بات يؤرق رئيس دولتهم ناهيك عن غيره..ومع تفاقم الأزمات المالية والاقتصادية ستتوالى أوراق التوت بالتساقط لتكشف عوارات إسرائيل والصهاينة عامة والمصير المنتظر لإسرائيل بات قاب قوسين أو أدنى ولن يكون حدوثه مفاجأة إلا لغير المؤمنين فإذا أراد الله شيئاً إنما يقول له كن فيكون ولله الأمر من قبل ومن بعد.