تظهر فواكه محلية بصورة ولون غير مألوف من قبل من حيث الحجم والشكل، فنقول إن هذا دليل التطوير والتحسين الزراعي، ولكننا نستغرب من نزولها إلى الأسواق في وقت مبكر بفارق شهرين أو أكثر عن موعدها المعتاد، فكان الجواب عند المستمع هو أن الكيماويات هي السبب وقد دخلت في زراعة الحمضيات بشكل مكثف وفي الأعناب والجوافة والبلح وكل أنواع الخضروات والفواكه بعد أن أكملت نفوذها على القات وأصحاب القات. في هذا الموسم ظهرت الأعناب السوداء التي عادة ما تعرض في الأسواق إلا وقد مضى على العنب الأبيض والأحمر الكروي الذي يسمى «عاصمي»، وكأن شكل الحبة مخروطي وفاقع بعكس لون بقرة بني إسرائيل التي تسر الناظرين، وقد بادر البائع لإفادة المشتري الذي أخذ حبة ووضعها في فمه فلوحظ وهو يكشر كما لو أنه يتذوق الليمون الحامض الذي بدوره تعرض للتخريب الكيماوي الواضح فقال له إن السلالة خارجية إما فرنسية لأن فرنسا مشهورة بزراعة العنب أو لبنانية أو سورية والمناشئ كثيرة.. ليس المهم هنا جنسية السلالة فالدول الطامحة إلى الزراعة بكل غال ورخيص تستورد الشتلات والبذور المحسنة وتجري عليها تجارب لعدة سنوات لتهجينها وتنتصر في إدخال أصناف عديدة لم تكن تزرع في أراضيها من قبل وحاولت أن تبعد عنها الأمراض التي يصيبها أو تمنعها عن العدوى عن طريق الأصناف الجديدة من المستوردات تلك كما هو معلوم ومؤكد لدى الجهات الزراعية المختصة حيث اكتشفت فيروسات وحشرات في شحنات الفواكه والخضروات بل وفئران في الحاويات والصناديق مقاومة لأنواع السم الخاص الذي كان يقضي عليها بمجرد تناول الطعم الذي دُس فيه السم. المهم هو حماية الأصناف التي ثبت أنها ذات مردود إنتاجي خالٍ من الأمراض التي قد تصيبها والسموم الكيماوية التي يسيء المزارع تقديرها وخطورتها بمخالفة التعليمات والإرشادات ظناً منه أنها أقرب لتحقيق إيرادات وأرباح كبيرة وتضمن له نزولها وعرضها في الأسواق في وقت مبكر، وكنت قد كتبت أكثر من مرة عن الأضرار التي لحقت بمحصول العنب قبل سنوات في المناطق اليمنية التي اشتهرت بزراعة هذه الفاكهة على نطاق واسع في محافظات صنعاء وعمران وصعدة وأخيراً الجوف فتكبد المزارعون خسائر كبيرة جراء الحروق الكيماوية التي أصابت الشجر المثمر وقضت على الكثير منها وأحرقت التربة. فكان من نتيجة ذلك أن قل المحصول والمعروض منه على غير العادة، وقد تنبه المزارعون إلى أخطائهم ويبدو أنهم الآن بصدد ارتكاب أخطاء جديدة على فواكه وأعناب هذا الموسم بوجه خاص.