في السياسة كما في بعض البلدان الناشئة أو المتأخرة في شكل وطريقة تفكيرها البطيء في تنمية الشأن السياسي والاقتصادي والثقافي. لم تستطع الديمقراطية أن تشهد تحولاً على مستوى تفاعلية المواطن معها غالباً. المواطن له انشغالاته الخاصة التي تصرف اهتمامه حتى عن أشياء ذات أولوية.وذلك نتيجة صورة وأسلوب إدارة السياسة لشئون حياته.وتأثيرها السلبي على مختلف الأبعاد الأخرى. لذلك لا تزال بعد لم تترسخ “الديمقراطية”بشكل طبيعي.لا على صعيد المفهوم ولا على صعيد الواقع بأبعاده المختلفة لبلدان وشعوب تعيش في سياق أو إطار من بؤس سياسات كتلك. وبالتالي بقي معطى التحول الإيجابي بواسطة “الديمقراطية” أو يكاد غائباً على صعيد المفهوم.مثلما ينسحب ذلك على تلاشي غير معطى مؤثر لتناغم اجتماعي أو سياسي وتحديداً مع«الديمقراطية السياسية في شموليتها» كما هي في نماذج بعينها في بعض بلدان المنطقة العربية. ولعله لم يتأكد بعد طابع ملموس لسمات متدرجة لكنه التحول في واقعيته السياسية وبمعزل عن الارتباك في آلياتها ومطالبها باتجاه ما قد تعكس مراياها كسعي غايته عملاً مؤسسياً – على افتراض ذلك- ينجح ولو بشكل متدرج في خلق تفاعلية مجتمعية وربطها بتجسير ثقافة المفهوم.ليتم عبرها مثلاً تداول مفهوم الديمقراطية كثقافة تدخل ضمن نسق المواطنة والعلائقية اليومية للمجتمع.حتى ليمكن عده ضمن أولويات الأفراد واهتماماتهم الأساسية إلى جانب الرغيف والأساسيات الأخرى. في بعض مجتمعات ما يسمى بالديمقراطيات اليافعة أو الناشئة قد يحدث نوع من طرح جدي أو محاكاة لبعض إن لم أقل لأبرز سمات الديمقراطية كوسيلة “تداول سلمي” في إدارة شئون حياتها.وبهدوء أعصاب.لكن ذلك قد لا يتحقق بدون إعادة نظر في تقييم تجارب إن وجدت على صعيد – مما تكون قد راكمته التجربة- أكان إيجابياً أو سلبياً. المهم أن يكون المسعى مستوعباً ضمن رؤية وطنية وموضوعية جادة.يمكن القيام عبرها وبضوئها تقييم ما ستكون عليه مصائر وخيارات تلك المجتمعات حتى تجاه مستقبل ينتظرها بالطبع بعيداً عن أي صيغ جاهزة أو أقنعة وجمل ديكورية عادة ما يلجأ بعض السياسيين في المنطقة من خلالها إلى تأليف وتوليف نظريات ورسم صور لأطياف مستقبل الأرجح أنها ستكون أحوج إلى موضوعية وصراحة في التعامل مع واقعها – بدلاً من فلسفة المستقبل- والهروب بعيداً عن تركيز الاهتمام على إنتاج وصفة لتشخيص واقعها الملتبس بلبوس شتى وتصورات متخلفة بسبب من أصوليتها السياسية . ما نحتاجه اليوم هو إشاعة ثقافة الديمقراطية .في حين أخفقت في إيجاد صيغة تتناغم مع حال ممارسة للديمقراطية طبيعية عبر آلياتها السليمة - ولو عن بعد أو حتى بطريقة«الغش» -كما تحسن بعض مؤسسات ومصالح سياسية وتربوية بعينها في تكريس ذلك كمبدأ عام يتم شرعنته غالباً.حتى لقد غدا مسلمة بفساد الاعتياد والثقافة. والمصيبة أن تدرج ذلك يتم منذ الفصل الدراسي الأول وحتى الفصل الأكاديمي الأخير لجهة التخصص؟! السبب.لأننا لم نتساءل ربما في لحظة عن سبب تحول بلدان بعينها إيجابياً.حققت وتحقق السبق عبر تناغمها دولاً ومجتمعات لصناعة المستقبل بعيداً عن مزايدات السياسة. بقدر حاجتنا إلى الاهتمام ولو بشكل بسيط لجعل الديمقراطية أسلوب حياة في البيت والشارع والوظيفة.لأن السياسة ليست مفردة خاصة بفرد دون آخر.كل فعل بسيط في حياتنا وتحركنا سياسة. السياسة توجد في مساحات انفعالاتنا اليومية وغير ذلك مما قد يحيل إلى سياسة.ولعل ذروة العمل بالسياسة تتجسد في تلك اللحظة التي يتوجه فيها«الناخب» إلى صندوق الانتخابات.لممارسة حق الاقتراع من أجل تنمية شكل وصورة حياته وحاضره وتحوله,ومن خلال ذلك قد يتم تعيين ملامح وصورة مستقبله؟ّ! المهم أن تستمر تلك الصورة لكن ليس على أساس أن يذهب المرء ليمنح ثقة لمن ليس أهلاً لها وعياً وثقافة ومسئولية وكفاءة. ثم حينما تشتد المصائر.وينقلب الحال إلى وبال عليه يأتي ليقول “لا شأن لي بالسياسة” تلك إذاً هي سلبية الوعي ذاته إذ يتنصل عن مسئوليته.وهو خطأ فادح قد يوقع شعوباً في مهاوٍ كثيرة لا تحمد جراء اللامبالاة.وعدم الإحساس بمسئولية تجاه تقدير تلك اللحظة. لهذا كم “نحن” بحاجة ماسة وضرورية للتفاعل المثمر نحو الانتصار لفكرة “الديمقراطية” وإمكانية التحول عبرها.بل والتعامل معها كثقافة كما ذكرت وبمعطى ما يعكسه أبسط سلوك للناس في الشارع أكانوا سياسيين أو مواطنين يسندونهم بالثقة التي يستحقونها.أو بسحبها كلما رأوا ذلك مناسباً وشاهداً للعقاب والفعل السلمي.ذلك الفعل الأكثر تأثيرا في صيغة تدرجه في تحقيق إمكان تحول ديمقراطي خارج كل زعم. لنحدق من حولنا قبل أن يفوت الوقت.وننظر بشكل طبيعي كمواطنين.لتعزيز واقع البنى السياسية والمطلبية والحقوق المشروعة دستورياً في محيطنا. الرهان إذاً يبقى على مدى قدرة واستيعاب بنية وعي الأفراد وتفاعلهم وأخذ الدروس من تلك البلدان في العالم وبخاصة منها – بلدان آسيوية- استهدفتها وتستهدفها التحولات لأنها تتقدم بتناغم ووفق صيغ متوازنة تراعي طبيعة تلك التحولات المشهودة على أكثر من بعد.كما في شكل وصورة دمقرطة مجتمعاتها وتأهيلها حضارياً بالعلوم الحديثة ومعاييرها النوعية في التحصيل بالمعرفة.لا بتعزيز واقع العُرف والبنادق.