بعد الاتفاق الذي وقّع بين حزب المؤتمر الشعبي العام وأحزاب المعارضة المنضوية في إطار تكتل اللقاء المشترك برزت الكثير من التأويلات والتفسيرات التي “تفسر الماء بالماء” لتحاول نسف الاتفاق وعودة الأمور إلى مربع الصفر..وكأن هؤلاء استكثروا على المواطن اليمني أن يشعر بالأمل والتفاؤل في إمكانية خروج البلاد من الأزمة التي صنعها هؤلاء وأولئك وأدخلت البلاد في أزمة عميقة لا قرار لها. بعد ساعات من توقيع الاتفاق ظهر أن هناك الكثير من داخل المؤسستين السياسيتين لم يكن راضياً عن ما تم التوصل إليه، وظهر أن المعارضة الداخلية في كل مؤسسة تحاول الانقلاب على موقّعي الاتفاق، فجاءت تفسر أن الحزب الحاكم صار في الاتفاق ضعيفاً، بل مخترقاً!!. وهناك من قال إن المعارضة خسرت في الاتفاق, لأنه لم يكن محل إجماع كافة أطياف الحياة السياسية الأخرى، وهناك من اعترض من خارج المؤسستين، وقد نجد هذا الاعتراض يمتد غداً إلى شخصيات كانت موقعة على الاتفاق. والواقع أن على اليمنيين، سواء كانوا في المعسكر السياسي أم في المعسكر الشعبي، التمسك بالاتفاق حتى يمكن الخروج بواسطته إلى بر الأمان. وعلى الذين وقّعوا على الاتفاق عدم الالتفات إلى المعارضات في صفوفهم، لأن أي تراجع عن تنفيذ الاتفاق ستكون له توابعه الكبيرة, ولا أحد يريد أن يتحدث في هذه “التوابع” لأنها ستكون مدمرة. من الأفضل وحماية للاتفاق أن يشرع الموقعون على الاتفاق بتحديد موعد انطلاق الجولة الأولى من الحوار وعدم الانتظار كثيراً، خاصة أن المهلة المتبقية لإجراء الانتخابات النيابية لم تعد تسعف أحداً. ويخشى أن يسرق الوقت الجميع ويجدون أنفسهم أمام استحقاق قانوني وزمني يتطلب تأجيل الانتخابات للمرة الثانية، وهو ما سيُدخل البلاد في فراغ دستوري; لأن الطرفين استنفدا المادة الدستورية المتاحة لذلك من خلال الاتفاق الذي وقّع في شهر فبراير من العام الماضي. لهذا فإن على الطرفين أن يسارعا إلى ترجمة الاتفاق المكتوب إلى خطوات عملية، إذ أن أية اتفاقات لن يكون لها أية قيمة حقيقية ما لم تتجسد على أرض الواقع. وعلى الطرفين أن يدركا أن التأخير في وضع الحلول للأزمات التي تواجه البلاد لن يكون ممكناً إلا إذا تم طرحها على طاولة الحوار، حينها يمكن لأي طرف أن يطرح ما يريد طالما أن ذلك هو في إطار البيت الواحد وعلى طاولة حوار واحدة. ويجب على الطرفين أن يدخلا الحوار وهما يدركان أنه لا خاسر ولا منتصر في هذا الاتفاق، فالكل رابح في الاتفاق، والرابح الأكبر هو الشعب الذي ملّ التجاذبات السياسية طوال السنوات الماضية, والتي عملت على إضعاف الثقة بالأحزاب وبالسياسيين عموماً!!.