كيف ترى المشهد الشعري السوداني وهل هناك أصوات شعرية استوقفتك ؟ يتميز الشعر العربي السوداني بخصائص، وقد لمّحت لهذه الخصائص منذ فترة مبكرة من سبعينيات القرن المنصرم، وقد استوقفني على وجه التحديد فن الغناء السوداني اللصيق بالشعر الغنائي، وخاصة عند فناني الحقيبة ممن تواشجوا وتفاعلوا وقدموا أنساقاً بيانية تتسم بقدر كبير من الغنائيات المقرونة بالوجدان، والتي تعكس ضمناً ما أُسميه بثقافة التماس المتوتر والجميل مع البيئة المحيطة، والوصف في هذا الشعر ليس طبيعياً فحسب، لكنه مفاهيمي بامتياز، والكلمة العربية المستحدثة تبدو كما لو أنها تميمة تنخلع من المعنى القاموسي المتعارف عليه في اللحظة، وأعتقد أن شعراء العربية في السودان هم أفضل من قدم الخصوصية الشعرية العربية السودانية، ولا استثني في هذا شعراء المديح الصوفي الذين يمثلون في السودان مدرسة قائمة بذاتها، تستبطن أفضل الجوانب في النصوص الصوفية التاريخية، فيما تضفي عليها بُعداً دائرياً يتّسق مع سحر السلم الخماسي الموسيقي والذي يميز الغنائية السودانية ويعطيها مداها الأكثر حميمية. أما بقية شعراء العربية السودانية فإنهم يتموضعون حصراً في تيارات الشعر العربي منذ الرومانتيكي «التجاني يوسف بشير» الذي يقف كقامة موازية لما وصف بالشعر العربي الرومانتيكي على عهد أبي القاسم الشابي وإيليا ابو ماضي والأخطل الصغير. وإلى يومنا هذا نجد أن قوالب الشعر العربي وأنساقه تحضر في السودان بسخاء، مع شيء من الخصوصيات. [email protected]