عندما كنت صغيراً انتشرت في مدينة القامشلي التي ولدت فيها قصة الملا أحمد, والملا عند الأكراد هو معلم الكتاتيب. قالت الرواية إنه رأى الرسول (صلى الله عليه وسلم) في المنام, فشكا حال المسلمين, وأنه أوصاه بكلام خاص سوف ينقذ المسلمين من محنتهم وكان نوعاً من الدعاء الركيك والكلام السقيم. وقال إن كل من يسمع هذا الكلام يجب عليه أن يكتب بخط يده مائة نسخة, ولم تكن “فوتوكوبي ماشين” موجودة في تلك الأيام وإلا لطلب مائتي ألف نسخة!!. وأن يقوم كل من يطّلع على كلام الملا أحمد بهذه المهمة - التي تحتاج شهراً بكامله - ويوزعها على العباد. وذكرت الإشاعة أن الدليل على كلام الملا أحمد فتح القرآن على الصفحة السابعة من سورة الأنعام فلسوف يرون شعرة من لحية النبي (صلى الله عليه وسلم) فيها. ولم نفكر بأن مصاحف العالم المليونية كيف سوف تستوعب شعرات النبي المحدودة, والمهم فقد هرعنا وأمي أمامنا أكثرنا حماساً ففتحنا المصحف وصرخنا بصوت واحد: «إنها الشعرة ولا شك». وفي يوم كنت أدرّس الشهادة الثانوية, فمررت بجنب حقل, فراعني صاحبها وهو يحفر الأرض, فلما سألت قالوا إن الرجل استيقظ مرعوباً في المنام, لأن الشيخ الدمرداش ظهر له في المنام وأمسكه من تلابيبه ثم قال له: الويل لك, كيف تتركني ولا تخلّد ذكري للأنام؟!. قال المرعوب: وما ذا تريد مني أن أفعل؟!. قال: أن ترفع نصبي وتضع اسمي ويتبرع الناس بالمال لإشادة ضريح يليق بمقامي!!. وأنا أهملت الموضوع, وبعد يومين مررت بالمكان وكنت آخذ كتابي فأمر بالمنطقة فأدرس استعداداً للامتحان, ففوجئت بتغير في طبيعة التربة وقد انتصب قبر في المكان. وبعد عدة أيام ارتفع القبر أكثر وعلته أعلام خضراء تخفق, وبعد عشرة أيام لم أصدق عيني باعتبار أنني كنت الشاهد على قصة الشيخ الدمرداش, وإذا بالناس تزحف في مظاهرات ومسيرات باتجاه قبر الولي الصالح, وعلى القبر علبة من صفيح تستقبل تبرعات القوم لبناء ضريح يليق بمقام الولي. وبعد عدة أيام كنت في البيت, فقالت والدتي: إنني أريد الذهاب إلى قبر الولي من أجل شفاء مفاصلي من الروماتزم. قلت لها: يا أمي من هو الولي؟! فقامت تصف المكان فعرفت قصة صاحبي الدجال. والمهم فالقصص كثيرة عن الدجل والدجال والدجاجلة, ولا يخلو عصر أو مصر من قصصهم, ولكن المشكلة ليست هنا, ولكن في قابلية تصديق الناس للقصص. وقصة الدجال الباكستاني الحالي حلقة من مسلسل الضحك على الذقون واللحى بفارق وجود ميديا تناسب القرن الحادي والعشرين. ويبقى العقل معطلاً في العالم الإسلامي دون أمل بالشفاء وفالج لا تعالج ولو فتحنا لهم نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء.