التحديات التي تواجهها المطبوعة الورقية المعاصرة لا تتوقف عند تخوم الوسائط المتعددة وخياراتها المفتوحة على الإثارة والتجدد، بل أيضاً أنماط القراء وطرق تفكيرهم ومطالبهم، والشاهد أن الإيقاع المعاصر في التلقّي يميل كثيراً إلى المادة المختزلة المسبوكة بعناية، والعامرة بالمعلومات، والمخدومة بالمؤثرات الصورية المناسبة، والمترافقة مع شروح وافية لتلك الصور. الكثيرون قد يرسلون مواد صالحة للنشر من حيث الأساس، ولا تخلو من أفكار ومعلومات مفيدة، لكن هذه المواد لا تضع بعين الاعتبار متطلبات القارىء المعاصر، وارتباطه الشرطي بترافق النص مع الصورة، وميله الواسع للاختيار، عطفاً على الانطباع المباشر. يسري الأمر على كامل المطبوعات الورقية ومن ضمنها المجلة الثقافية . لهذا السبب من الضرورة بمكان إشعار المساهمين من مختلف المناطق الجغرافية الثقافية، بأن يرسلوا مواد متكاملة قدر الإمكان، وأن يعتبروا هذا التكامل مؤشراً أساسياً لإجازة النشر. والحقيقة أن البعض من يحرصون على ذلك، ويوفرون على هيئة التحرير مشقّة التنقيب عن الصور المناسبة، أو معرفة شروح تلك الصور، خاصة وأن المادة المرسلة مُجيّرة أساساً على اسم كاتبها. لم يعد التحرير المعاصر مقصوراً على النص المكتوب ، بل على التحرير الفني التكاملي الذي يمازج النص بالصورة والعناوين والكوادر المنفصلة، والمحسنات الشكلية، التي تخدم العملية الإخراجية من جهة، كما تخدم المعلومة المطلوبة، وتوصيلها برشاقة ومتعة للقارىء. لقد قطعت «الجمهورية» شوطاً في تأمين المُدخلات البصرية، والمعالجات الإخراجية المتجددة، كما حرصت على موازاة الخدمة الثقافية الناجزة بمشروع كتاب يترافق مع أعداد رمضان، ولديها في المدى المنظور مرئيات تتوخّى المزيد من تطوير خطابها، وتعزيز تنوّعها في أساس الروحية الواحدة، والرسالة الثقافية الناجزة التي تضع بعين الاعتبار الثابت والمتغير في الزمنين الثقافيين العربي والإنساني . حقاً، إن تكاملية المواد ، وحرصها على تعمير عتباتها بالنصوص والعناوين الفرعية والصور وشروحها، والعناية بمراجعتها وتدقيقها، واعتماد المعلومة المؤكدة الصحيحة، والإمساك بجمرة المصداقية، هي الروافع الأولى في إجازة واحتضان ونشر تلك المواد . [email protected]