كتبت - ابتسام أحمد القاسمي هكذا تبدو الحياة بغيضة، حينما نعجز عن دفع ثمنها، فنستغيث بالموت الذي يبطئ المجيء بدوره.. في تواطؤٍ ثقيل مع تلك الحياة.. هكذا... هي الحال التي انتهت إليها الحاجة سلمى فرحان المرمية بين بؤس العالم، بعد أن غزاها المرض الذي استحلى استيطان جسدها الضعيف، والعاجز عن طرده، بعد أن صارت المادة هي المقياس الوحيد لتمكين إنسان العصر من استمراره الحقيقي في الحياة!!. الحاجة سلمى –التي تصارع السبعين من عمرها- في سنوات حياتها الطويلة، تبسمت لها الظروف في عدة مرات، بحيث توفرت لها مبالغ مالية بسيطة مكنتها من زيارة الطبيب وشراء الدواء، مرات معدودة فقط من حياتها بكل طولها!!. في هذه المرة، هي محظوظة بالطبع، فقد نزل أحد الأطباء في إحدى القرى المجاورة زائراً لأقربائه، كانت سعيدة حينما علمت بقدومه، فحملها ذووها إلى تلك القرية لمقابلته، وعرضت حالتها عليه، كان ذلك قبل فترة قصيرة .. قبل عام كامل فقط!! هي مسرورة لهذا.. فهي لا تتمكن من زيارة طبيب إلا بعد مرور العديد من السنين.. لكن ما يحزنها فقط.. أنها غير قادرة على شراء ذلك الدواء الروتيني الذي وصفه لها ذلك الطبيب موصياً إياها بالاستمرار على تعاطيه بشكل يومي، بينما تعيقها ظروفها المادية من الاستمرار عليه ولو بشكل سنوي!!. الحاجة سلمى فرحان لم تعد ترجو شيئاً من الحياة سوى انتهائها، تنتظر دورها في طابور مغادرتها، مصوبة عيناها نحو آخر مكانٍ تتشوق للنزول فيه " المقابر".. وحتى ذلكم الحين.. هي مضطرة لتحمل وضعها الذي أعجزها عن الحركة، لتظل طريحة الفراش فريسة لآلامها حيث لا تجد الدواء الذي يخفف من حدتها.. لا شيء سوى أنينها المتواصل، والذي يبعث في النفس أحد آلامها.. لتدعو بكل ضعفها «اللهم عجل بساعتي».. فقد صار الموت بالنسبة لها هو المنقذ الوحيد من فقرها وآلامها!.