لم يكن اليمن في يومٍ ما كياناً مصطنعاً حتى من زمن الحقبات الاستعمارية، وأن تاريخها كدولة واحدة ومجتمع واحد جغرافياً واجتماعياً يمتد إلى آلاف السنين،فهي ذات امتداد حضاري عريق يستحيل تغيير وطمس معالمه وآثاره. ولم تشهد اليمن على مرِّ التاريخ القديم والحديث انقساماً طائفياً، أو عرقياً كتلك الموجودة في بعض الدول الأخرى، ولدى كل يمني ينتمي إلى هذا الوطن الكبير وطن ال22 من مايو 1990م إحساس قوي بالهوية اليمنية وشعور بالولاء والحب للوطن، تترسخ جذوره وتتعمق في أحاسيس ووجدان كل مواطن مؤمن بهويته وثورته ووحدته الوطنية، التي كانت ولا تزال مبعثاً للثقة بين جميع أبناء اليمن، والتي أصبحت اليمن بفضل الوحدة دولة متطورة بشكل أكبر من الناحية السياسية ودولة ديمقراطية، والانتخابات فيها حرة ونزيهة ونظام التعددية الحزبية المبني على أساس وطني، وحرية الرأي والرأي الآخر، وحرية التعبير وحرية الصحافة موجودة..وقد اكتسبت من خلالها خبرة وتطوراً ملموساً على مدى عقدين من الزمن، تمثلت في إجراء ثلاث عمليات انتخابية للبرلمان والانتخابات الرئاسية والمجالس المحلية، بالإضافة إلى العديد من الممارسات الديمقراطية كحق دستوري لكل مواطن، وخيار شعبي لا رجعة عنه، والتي كان آخرها انتخابات محافظي المحافظات. وبالرغم من شحة الموارد الطبيعية والحرمان الذي عاشته اليمن خلال الخمسة العقود التي مضت على قيام الثورة اليمنية، سبتمبر وأكتوبر المجيدتين، إلا أنها استطاعت بعد الثورة أن تنتقل من مرحلة الأنظمة الاستبدادية التي عفا عليها الزمن، والتي اتسمت بالرجعية والكهنوتية والديكتاتورية إلى النظام الديمقراطي المحلي، وهو ما يشهد له ويقرّه معظم المراقبين الدوليين والهيئات والمنظمات الدولية، وما تحقق في مجال التنمية والبنى التحتية خلال العشرين السنة الماضية على قيام الوحدة، أو بالأصح إعادة تحقيقها لدليل واضح على أن في الوحدة واستمرارها يكمن مجد اليمن وعزتها وكرامتها وتقدمها وازدهارها لتحتل مكانة هامة في إطار المجتمع الدولي، وعلى المستوى الإقليمي، لما تملكه من موقع جغرافي استراتيجي هام وثروة بشرية كبيرة يمكنها من الإسهام في استقرار السلام والأمن الدوليين.