يبدو أن الخلافات السياسية وتعارض المصالح الحزبية والشخصية للإخوة ممثلي الحوار الوطني قد أثرت كثيراً على مسار الحوار الوطني ودفعته إلى الفشل الذريع قبل أن يكتمل ويرى النور!!. فقبل أيام قلائل وفي الوقت الذي كنا ننتظر فيه عقد جولة جديدة من الحوار كما هو مخطط لها ومتفق عليها مسبقاً تم الإعلان وبكل صراحة ووضوح عن فشل الحوار وانتهاء صلاحية اللجان المشكلة للإعداد لهذا الحوار الذي عقد بشق الأنفس وبعد جهد جهيد وسنوات من الانتظار وعودة المتحاورين إلى أحزابهم سالمين!. نعم فشل الحوار الوطني وتم وأده بمعاول المتحاورين المتمسكين بآرائهم والمتشبثين حد الإفراط بمطالبهم والرافضين تقديم أي تنازلات حزبية لصالح الوطن والشعب، وعلينا نحن أبناء هذا الوطن المبتلى بهكذا أحزاب أن ندفع ثمن خلافاتهم المستمرة والمتواصلة ومثل غيرنا من شعوب العالم الثالث أن نتجرع علقم الديمقراطية على يد أحزاب لا هم لها ولا هدف إلا تحقيق مصالحها فقط!!. أما ما يتعلق بالوطن والمواطن فهي بالنسبة لهم قضايا ثانوية, ولهذا كان الفشل متوقعاً ونتيجة منطقية جداً لحوار عقيم يتمترس أطرافه داخل خنادق منيعة ويقفون على بعد أميال من بعضهم وإن اجتمعوا حول طاولة واحدة فهم مجتمعون بأجسادهم فقط. أما عقولهم وقلوبهم وآراؤهم وكل ما من شأنه إنهاء الخلاف وتفعيل الحوار الوطني ودفع عجلته نحو الأمام فهي مازالت متنافرة ومتباعدة ومن المستبعد أن يلتقوا في نقطة اسمها الوطن ومصالحه العليا. ولم يكن الحوار رغم تعثره إلا مضيعة للوقت ومحاولة يائسة وبائسة لتأجيل الانتخابات النيابية القادمة وتعطيل عجلة الديمقراطية التي يجب أن تستمر بالدوران. لأن العيب ليس في الديمقراطية وإنما بالأحزاب التي تمارسها والتي أثبتت أن خلافاتها السياسية والحزبية أقوى من أن يذوبها حوار وطني, وأبعد من أن يؤلف بين قلوب المتحاورين حب الوطن ومصالحه, ولو لم يكونوا كذلك لما فشل الحوار!!. فهل نصدق أن أحزابنا السياسية وطنية خالصة وأنها تغلّب مصلحة الوطن على مصالحها الحزبية وتقدم هموم المواطن ومعاناته على مكاسبها السياسية؟!. لأنها لو كانت كذلك لما كان هذا حال الوطن, ولما وجد المتندسون والمتآمرون والمخربون وقطاع الطرق والإرهابيون بكل مسمياتهم مكاناً لهم بيننا, ولما وجدوا طريقاً يسلكونه للإضرار بوطننا وتهديد أمننا واستقرارنا, ولما سمعنا صوتاً يدافع عنهم ويبرر جرائمهم الإرهابية وما يقترفونه من أعمال تخريبية. ولو امتلك قادة هذه الأحزاب ذرة إحساس وشعور بالمسئولية الوطنية لتناسوا خلافاتهم السياسية ورموا بانتماءاتهم الحزبية خلف ظهورهم واصطفوا في خندق الوطن وتمترسوا خلف ثوابته ومصالحه العليا. فأيهما أفضل أيها السادة أن نكسب موقفاً سياسياً ونحقق مصلحة حزبية أو شخصية, أم نكسب وطناً آمناً مستقراً ونحقق مصلحة وطنية عليا تكون لنا ولأجيالنا القادمة, فالحزب يفنى وينتهي ويبقى الوطن؟!.