لم يدرك أحد أن المماطلة في إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد، إخلال بمفهوم المشاركة السياسية الشعبية، وانتهاك فاضح للسيادة الشعبية الكلية التي لا تقبل المساومة أو التنازل أو التجزئة أو الإلغاء على الإطلاق، لأن السيادة الشعبية ملك للشعب كله، ولا يمثل الشعب إلا من يأتي عبر الممارسة الديمقراطية للانتخابات العامة، أما محاولات الالتفاف على السيادة الشعبية فإنه يعد خروجاً على الشرعية الدستورية وتمرداً على الإرادة الكلية للشعب. إن الإيمان بالديمقراطية فكراً وممارسة يحتّم على الكافة القيام بمستلزمات الديمقراطية التي منها الانتخابات العامة سواء كانت النيابية أو الرئاسية أو المحلية، على اعتبار أنها الطريق الوحيد لإكساب الشرعية الدستورية أو إضفائها على الهيئة الحاكمة التي لا يمكن أن تأتي إلا عبر الانتخابات التي باتت الطريق الوحيد للتداول السلمي للسلطة، وأي تفكير لا يعتمد على الديمقراطية والتجسيد العملي للمشاركة السياسية الشعبية يعد تفكيراً انقلابياً يمثل فئة محدودة من الناس لا تقبل بالتعايش السلمي مع الآخرين وتسعى إلى فرض أجندتها على الأكثرية بالقوة، وهو مايرفضه الشعب جملةً وتفصيلاً. ولئن كانت بعض القوى السياسية لم تعد تؤمن بالسيادة الشعبية بسبب نظرتها إلى الشعب بالدونية والاعتقاد بالغرور الذي قادها إلى ارتكاب الشرور والآثام، فإن ذلك البعض هو الذي يسقط عن نفسه الشرعية الدستورية ويلغي نفسه، ومادام راغباً في إلغاء نفسه سياسياً فلماذا الإصرار على محاولة إلغاء السيادة الشعبية الكلية لإرضاء الأقلية السياسية غير الراغبة في الممارسة الديمقراطية؟ أليس من حق السيادة الشعبية الكلية تنفيذ إرادتها وتحقيق رغبتها المتمثلة في إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد؟. إن الفكر المنحرف لا يمكن أن يقود إلى الخير والسعادة مطلقاً، ولذلك لا يجوز القبول بما يتعارض مع الصالح العام الذي يحقق السيادة الشعبية الكلية، ولابد من العودة إلى منطق الحكمة من إفساح المجال أمام المشاركة السياسية الشعبية التي تتمثل في كسب الثقة والرضا ليتحقق الأمن والاستقرار ويسود الرخاء وذلك ما ناضل من أجله أحرار اليمن في مختلف العصور، ومازلنا نسير في نفس الاتجاه بإذن الله.