منذ أن تربّع جورج بوش الابن على رأس الإدارة الأمريكية تعهّد في برنامجه الخاص بالسياسة الخارجية الأمريكية على خلق شرق أوسط جديد، وهذا ما يتفق مع السياسة الصهيونية الإسرائيلية في هذا الخصوص. والمعنى بالشرق الأوسط الجديد هو تفتيته إلى دويلات صغيرة تكون غير قادرة على حماية نفسها من أية أخطار قد تتهددها، أي بمعنى آخر هو جعل إسرائيل الدولة الأقوى في منطقة الشرق الأوسط كله يكون لها الباع الطويل في فرض سياساتها وهيمنتها على كل شعوب المنطقة ولايستطيع أن ينازعها أي منازع.. هذه هي سياسة أمريكا التي ظهرت في عهد بوش الابن وهو أن المخطط قد وضع في مراحل سابقة وظلت هذه السياسة سارية وقائمة حتى يومنا. وهاهي الإدارة الأمريكية القائمة اليوم برئاسة أوباما والذي استبشر العرب كثيراً لمجيئه بعد أن سمعوا كلاماً معسولاً لكنه مدسوس فيه السم القاتل وهو تنفيذ المخطط الأمريكي في تقسيم المنطقة وبالأخص المنطقة العربية إلى دويلات ومشيخات.. وهاهي دولة السودان تعتبر كبش الفداء الأول وترجمة حقيقية للسياسة الأمريكية في تنفيذ برنامجها الشرق أوسطي، فكلنا قد شاهدنا الثقل الأمريكي الكبير في استفتاء جنوب السودان فاستنفرت كل طاقاتها المادية والإعلامية وهاهي السودان ستتقزم ديمغرافياً وجغرافياً وسيحرم شمال السودان من الكثير من خيرات الجنوب سواءً كانت المعدنية أو الزراعية، كما أن الخوف هو من أن إسرائيل جاهزة لدخول جنوب السودان تحت مسمى شركات استثمارية كما فعلت في جمهوريات آسيا الوسطى بعد تفكك منظومة دول الاتحاد السوفيتي السابق، فدخولها إلى جنوب السودان يمثل الخطر بعينه على شمال السودان وعلى مصر فهي لن تتوانى في إيذاء مصر، من خلال مياه النيل كما فعلت في أثيوبيا كما أن شمال السودان لن يكون بمنأى عن دسائس ومؤامرات إسرائيل والعمل على إيقاع الفتنة بين الدولة الجديدة وشمال السودان فهذه سجية إسرائيل في كل زمان ومكان. ومن ضمن مخطط الشرق الأوسط الجديد مانلمسه من تحرك كردي في شمال العراق وهناك مؤشرات في بعض بلدان عربية تدل على مؤامرة مشروع الشرق الأوسط الجديد.. يدور كل ذلك والعرب لايزالون في غفلة من أمرهم ولم يستفيدوا من أخطاء الماضي وإذا ظل أمرهم كذلك فإنهم سيفيقون وقد تحول كل بلد عربي إلى دويلات صغيرة.