منذ عقدين من الحراك الاجتماعي اتفق اليمنيون على التزام النهج الديمقراطي سبيلاً لإدارة الحياة والتعدد الحزبي والفكري والسياسي منهجاً فعلياً للممارسة الديمقراطية والتنافس الخلاق للوصول إلى مجلس النواب والقصر الجمهوري معاً. ثمة مايلفت النظر والاهتمام في الديمقراطية اليمنية الناشئة هو أنها مازالت غير قادرة على استيعاب التحولات المطلوبة في عمق الديمقراطية, الأمر الذي حولها إلى سباق ماراثوني محموم بين المكونات السياسية في الساحة, مفهوم التجديد والتغيير في هيكل الإدارة والمؤسسات والبرامج والمشاريع والوسائل واللغة أخذ طريقاً مغايراً للممارسة المتعقلة والواعية للحق الديمقراطي بين الفعل ورد الفعل, حتى وصل الأمر بنا إلى تسييس الحياة الاجتماعية برمتها, والتنافس الحزبي إلى إدارة المدرسة والمستشفى والجمعية الخيرية والمسجد... الخ. الديمقراطية ذات البعد الاجتماعي والمؤسسي والحضاري تميزها الممارسة المتوازنة والشراكة الواقعية في إدارة المؤسسات واستيعاب الجميع, الرأي الآخر هو صمام أمان وعامل إثراء للعملية الديمقراطية، بل يصل إلى كونه المعادل الموضوعي في الحوار والرقابة والإصلاح والتجديد المؤسسي القائم على قاعدة المواطنة الصالحة والمسئولية الوطنية, لأن الاختلاف لايطعن في وطنية هذا أو ذاك. التغيير والتجديد سنة الحياة وناموس كوني خلاق ولايمكن أن تتميز وتتهذب وتنمو العملية الديمقراطية بدون أن يكون التغيير والتجديد في القيادات والبرامج عملية ديناميكية مستمرة ودائمة, لأن ذلك يشكل الضمان الحقيقي للتنمية الديمقراطية. مبادرة الأخ رئيس الجمهورية جاءت لتحرك الراكد في الحراك الديمقراطي, لانريد أن تبقى المبادرة مرهونة بالإصلاحات السياسية والانتخابية وحسب, إننا نتطلع إلى أن تشمل مبادرة الأخ الرئيس التغيير والتجديد في المؤسسات، بحيث يتم تصعيد قيادات شابة ذات كفاءة ونزاهة لقيادة المؤسسات والقيادات التنفيذية في الوزارات وغيرها, التجديد مطلوب لايُعقل أن يمر على قيادات في المؤسسات والوزارات وأجهزة الدولة أكثر من عقد من الزمن دون تغيير أو تجديد مناسب بدماء شابة ومؤمنة بالتطور والتنمية الايجابية لليمن الأرض والانسان. إن التغيير والتجديد في القيادات هي حكمة رائعة تضاف إلى مبادرة الأخ الرئيس, لتتكامل مع بقية الإصلاحات, الأمر الذي سيعمل على تقليص الفساد, ورفع وتيرة وكفاءة الأجهزة والمؤسسات الوطنية, وسنلمس تحسناً إيجابياً في الأداء المؤسسي بما يخدم التنمية من جهة والعملية الديمقراطية من جهة أخرى ويحقق حكماً إيجابياً من قبل المواطن وثقة بالدولة. التغيير والتجديد ومؤسسات الدولة سيقطع الطريق أمام المتربصين بالوطن والفاسدين، الذين تسببوا في وصول مؤسساتنا الوطنية إلى هذا المستوى من الأداء والفاعلية الاجتماعية، لأن المواطن اليمني البسيط لايهمه تحاور فرقاء الساحة السياسية أم لم يتحاوروا, بقدر مايهمه انصلاح أمر المدرسة والمستشفى والخدمات من كهرباء وماء وطريق, وقسم الشرطة، ونزاهة وعدل النيابة والمحكمة, يقيس صلاح أو فساد الدولة من خلال تلك المؤسسات والأجهزة والمراكز, لذلك لابد أن تكون تلك العملية التجديدية في عمق مبادرة الأخ رئيس الجمهورية لتسير بشكل مواز مع الإصلاحات الأخرى. [email protected]