- ما يجري الآن وفي هذه اللحظات من أحداث متسارعة خلطت الكثير من الأمور, وأصبحت طاحونة الزمن تتلقف أي شيء دون إمعان أو تمحيص باعتبار أن مجريات الأمور لا تسمح بالتأني في نظر البعض الذين لا يرون إلا بعين واحدة وإن اكتملت الرؤية بتلك العين. - كان ذلك ما قاله لي صديقي وهو يرى أولاده الأربعة يصرخون عمّا شاهدوه من تصرفات البعض الذين يتصرفون دون عقل أو حكمة في معالجة الأمور، ومن ما رآه أبناء صديقي حين عادوا من مدرستهم دون أن يتعلموا وباشرهم أستاذهم أن يعودوا إلى المنزل بحجة عدم التدريس. - المشكلة الكأداء التي يقف فيها المرء حائراً أمام هذه الحالة أنها تؤلم قلوب الأطفال الذين نزج بحقوقهم المشروعة في التعليم والتربية والتحصيل المعرفي وننزع هذه الحقوق في مشاريع تعطيل الدراسة التي لا يمكن لأحد أن يوقف عجلتها باعتبارها رمزاً وحقاً لهذا الجيل الذي يجب أن نزرع في دواخله ثقافة العطاء والإبداع الذي سنقطف ثماره في المستقبل. - ولكن أن نرى كثيراً من المدارس الحكومية والأهلية تستغيث من تعطيل الدراسة فيها, فهذا الأمر بحاجة إلى أن نقف أمامه وأن ندعو العقلاء والحكماء وكل قادة الرأي في سبيل معالجة هذا الأمر الخطير. - التعليم في كل العالم والمدارس والمعاهد يجب أن ينأى عن كل الأزمات والمشاكل, وهذا إذا أراد من يريد أن يزج بالتعليم في سبيل تمرير مطلب ما, ولا يمكن أن نقتنع تماماً أن ترفع نقابة أو جمعية في مجال التعليم مطالبها وتضغط في سبيل الحصول على مستحقات أن توقف الدراسة على الطلاب, هؤلاء الطلاب الذي يأتون صباحاً وهم مهيأون للتحصيل العلمي يصطدمون بجدار مطالب معلميهم الذين يرفعون شعار الأحزاب، وهؤلاء المعلمون يدركون جيداً أن العام الدراسي في فصله الأخير لم يكمل الطلاب بعد المنهج الدراسي, حيث إن معظم هذا العام الدراسي الحالي إذا أحصيناه سنرى أن معظم أيامه ذهبت في أمور خارج نطاق الدراسة والتدريس. - صديقي المتحسر وهو يستمع إلى أولاده وحالتهم وهم منقطعون عن الدراسة أصابته الحسرة على واقع التعليم والمؤسسة التعليمية التي تزج بنفسها في أزمات هي في المحصلة النهائية تعكس نفسها على أداء الطلاب الذين ليس لهم شيء في هذا الذي يحدث الآن. - وحقيقة القول: إن تعطيل الدراسة في بعض المدارس ربما سيكون له تأثير كبير في نفوس التلاميذ الذين يرون في المدرسة واستمرار التدريس مساحة من الأمان والطمأنينة على مستقبلهم, وإن كان لدى الهيئة التدريسية أية مطالب لابد وأن تمر عبر القنوات المطلبية دون التأثير على الدراسة, هذا الأمر المهم لابد أن تتعامل معه القنوات التدريسية دون إبطاء أو تململ, لأن الحقوق وإن كانت مشروعة لابد أن تتخذ عدة مناحٍ ليحصلوا عليها. - اللافت تماماً هو أن قضية التعليم واستراتيجيتها العامة لابد أن تأخذ في الحسبان أهمية تطوير الإدارة المدرسية, وأن تؤخذ بعين الاعتبار مسألة إعطاء الحقوق للمدرس الذي يقضي معظم حياته في سبيل العطاء، لأن عطاء المدرس سيعكس نفسه على عطاء الطالب, ولكن أن يكون المدرس أشبه بعامل بسيط لا تعطى حقوقه, فإن مترتبات ذلك ستكون وخيمة على مستقبل الأبناء الذين يعتبرون صفحة بيضاء يجب أن تكون ناصعة العطاء الذي سيعزز مكانة المستقبل الذي ننشده.