لم تكن المسئولية التي تبرأت منها السموات والأرض وحملها الإنسان ذات شأن أو أهمية لدى قيادات أحزاب اللقاء المشترك، ولم يعد أمام بعضهم من هم غير الوصول إلى السلطة بأية وسيلة، ولم يدرك المتدفعون نحو السلطة بأنها أمانة وتبعاتها ثقيلة وحسابها عسير أمام الخالق جل شأنه، بل أن الذين يسعون للسلطة بالطرق غير المشروعة ستتضاعف أمامهم المسئولية أمام الله والناس كافة كونهم سلكوا مسلكاً خطيراً لا يقبله شرع ولا عرف ولا أخلاق، مسلكاً يفرق جموع الأمة ويمزق صفوفها ويزيد الحقد والكراهية وينتج عنه الاقتتال وإشعال الفتن، ولا يحقق في نهاية المطاف الرضا والقبول الذي على أساسه يتحقق العدل ويسود الأمن والاستقرار ويحافظ على وحدة الأمة وتماسكها، وهذه القضايا الجوهرية يبدو أنها لم تكن في حسبان عشان السلطة، ولأنها كذلك فقد سلكوا سلوكاً مرعباً لا يحقق الثقة ولا يؤمن البلاد والعباد. إن اليمن بلد الإيمان والحكمة لا تحتاج إلى الكبر والتعالي والعنجهية والاستقواء بالعصبية الجاهلية أو المذهبية أو الفئة أو القبلية أو الحزبية ليتحقق فيها شرط الرضا والقبول بالحاكم، بل إن الأحداث السياسية على مر التاريخ قد برهنت على أن الفئة التي تحاول فرض نفسها على الشعب بالقوة لا يمكن أن تجني الأمن والاستقراء ولا يتحقق لها الرضا والقبول ولا يمكن أن تكون محل ثقة أمام الشعب، ولا تستطيع أن تحقق الأمن والاستقرار الذي من خلاله تتحقق التنمية والتطور، وبالتالي لا يمكن أن تهنأ في السيطرة على الشعب ما دامت قد سلكت طريق الشيطان في الوصول إلى السلطة وتحدث الإرادة الكلية للشعب. إن اليمن لا يقبل بالدكتاتورية أو الفوضوية الغوغائية ولكنه لا يستقر إلا في ظل مفهوم الديمقراطية الذي حقق المعنى الجوهري لمبدأ الشورى في الإسلام، بمعنى أكثر تحديداً أن الديمقراطية التي يؤمن بها الشعب هي التي تعلو على مفهومي الدكتاتورية والفوضى، وهو مبدأ الشورى في الإسلام الذي يعطي المعنى العملي لمفهوم المشاركة السياسية الواسعة لكافة مكونات الشعب اليمني، وهذا هو الطريق الذي سلكه علي عبدالله صالح منذ 17 يوليو 1978م وحتى اليوم، ولذلك فمن أراد أن يحظى بثقة الشعب فليس أمامه غير احترام الدستور والقانون والثوابت الشرعية والوطنية ليتحقق شرط الرضا والقبول بإذن الله.